الترجمة هي عملية لتبادل وجهات النظر بشكل متفتح ما بين أشخاص ومجموعات ذات أصول وتقاليد إثنية وثقافية ودينية ولغوية مختلفة في إطار روح التفاهم بين المجتمعات، الترجمة هي عامل مؤثر للتقارب بين الشعوب والأمم، فهي حاضنة للثقافة ووسيلة للتأثير في العقل والشعور. الترجمة هي مفتاح الثقافة وتعارف الأمم والأقوام وإدراكها لحضارات الشعوب الأخرى وثقافاتها وطرق تفكيرها، وعن طريق اللغة يأتي دور الترجمة باعتبارها وسيطاً ثقافياً للتواصل الثقافي وإثراء الثقافات. إن الترجمة قدر مشترك بين كل الحضارات والأمم، ولا توجد أمة، ولا حضارة لم تأخذه عن غيرها، لقد حفظت الترجمة تراث الإنسانية كلها وزادت عليه ونقلته من تلاها. وكانت الترجمة دائماً جسراً للتواصل بين الشعوب والحضارات على مر التاريخ.
لقد لعبت الترجمة وما تزال دوراً عظيماً في حوار الثقافات والحضارات وتلاقحها، وهي عامل رئيسي لنهوض الحضارات، يطلع الناس بواسطتها في بلدانهم الأصلية على حياة البلدان الأخرى وتاريخها وحضارتها وحصيلتها من العلوم والمعارف. ومن خلال الترجمة يحدث حوار التفاهم والتبادل والاغتناء ثم يتم بها النهوض والتطور.
لقد أدت الترجمة دوراً أساسياً في إثراء الثقافات، فبالإضافة إلى الفوائد التي جناها الغرب من نقل العلوم عن العرب في فترة تاريخية سابقة، وهنا يمكننا القول بأنّ البشرية جمعاء تستفيد من تبادل الأفكار تحت تأثير تسارع الاتصالات والتنقلات وتعميم المبادلات الثقافية.
تبقى الترجمة اللحمة التي تربط بين خيوط السداة في نسيج الحضارة البشرية، الترجمة ليست الواسطة الوحيدة في التطور التقني وتقدم وسائل الاتصال، وإنما هي الجسر الذي يربط بين الشعوب والمحرك الأساسي للتفاعل بين الثقافات، وتعمل الترجمة عملاً حاسماً في تطور ونمو وتبادل الأفكار والإنجازات.
الترجمة نافذة تقود الناس والمجتمع إلى العالم المتقدّم، وهي تسهّل سبل التواصل بين البشر، وتساعد في نقل المعارف والتقنيات والأفكار، وتقرّب بين عادات مختلف شعوب العالم، والتفاعل بين الثقافات القومية والحضارات المختلفة يعتمد على الترجمة ليس باعتبارها ترفاً فكرياً بل ضرورة إنسانية.
العالم العربي هو اليوم أكثر من أي وقت مضى في حاجة إلى الاهتمام بالترجمة لأنها تلعب دوراً مباشراً في نقل أخبار الثقافة والإنجازات الثقافية والفكرية. لقد باتت الترجمة من أهم الوسائل المستغلة قديماً وحديثاً في خلق التلاقح الحضاري بين الأمم والشعوب من خلال منطق الأخذ والعطاء، الاقتباس والإبداع، الاستيعاب والإنتاج.
تشكل الترجمة على الدوام باعتبارها نشاطاً إنسانياً جسراً للتواصل والتفاعل والتلاقح بين اللغات، ورحلة في الثقافات والحضارات المغايرة، وسعياً نحو ارتياد آفاق جديدة وأسئلة وجود وهويات متنوعة ومختلفة وتحتل الترجمة مكان الصدارة في تحقيق المواكبة الفكرية والثقافية، الترجمة في اللحظات التاريخية من أهم الأسباب التي أدت إلى نهضة الأمم وتقدّمها، فالنهضة تبدأ بالترجمة.