محمد سليمان العنقري
قبل أربعة أعوام تم إطلاق برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية المعروف اختصاراً باسم «ندلب» والذي يهدف لتحويل المملكة إلى منصة صناعية ولوجستية عالمية لربط قارات آسيا وأوروبا وإفريقيا، من خلال التركيز على أربعة قطاعات حيوية هي الصناعة، والتعدين، والطاقة، والخدمات اللوجستية وقد حقق البرنامج نجاحات عديدة منذ بداية عمله حيث جذبت استثمارات عن طريقه بمئات المليارات وساهم بحوالي 9 % من الناتج الإجمالي لاقتصاد المملكة عام 2021 وقد تنوعت مبادرات البرنامج وشملت العديد من المجالات التي ساهمت بتحقيق تلك الإنجازات بوقت قياسي لكن الملفت هو الاهتمام برواد الأعمال وقد أطلق ندلب برنامجاً مميزاً بفكرته وهو «ألف ميل» والذي انتهت مرحلته الأولى بعد عمل ضخم احتضن رواد أعمال وأهّلهم لتتحول أفكارهم لكي تكون قابلة للتنفيذ نظراً لجدواها الاقتصادية.
فبرنامج ألف ميل يركز على هدف محدد وهو تمكين ريادة الأعمال في قطاع الصناعة والخدمات اللوجستية حيث إن لهذه القطاعات أهمية بالغة في التنمية المستدامة والتوسع فيها ضرورة لزيادة الطاقة الاستيعابية في الاقتصاد الوطني ومن المهم أن يتم استيعاب كافة الطاقات الراغبة بالدخول لهذه القطاعات وتحويل أفكار رواد الأعمال لمشاريع حقيقية تمتلك مقومات النجاح للمساهمة في تحقيق طموحات رؤية المملكة 2030 عبر توفير حزمة من الممكنات والمحفزات لدعم الفرص الاستثمارية الواعدة كما جاء بأهداف البرنامج ، فقد أكد معالي وزير الصناعة والثروة المعدنية رئيس لجنة البرنامج الأستاذ بندر الخريف في كلمته خلال حفل برنامج ألف ميل «على وجود فرص نوعية كبيرة للرياديين في قطاعات «ندلب» وحوافز ومبادرات متنوعة لتمكينهم من تنفيذ مشاريعهم الواعدة». فالبرنامج محوكم بطريقة متقدمة ويمر بتسع مراحل حيث تبدأ الرحلة من التقديم على البرنامج ثم مرحلة المقابلات والفرز يليها الدخول بمعسكر للتدريب ثم تبدأ عملية دراسات الجدوى الأولية وفي المرحلة التالية تتم عملية تقييم الدراسات وبعدها يتم عمل تدريب مكثف وتطوير دراسات الجدوى ولقاء الخبراء ليتم الانتقال لمرحلة عرض المشاريع على المستثمرين وبعدها الفرز النهائي ومن ثم الحفل الختامي, وقد تخرجت الدفعة الأولى للبرنامج يوم الأحد الماضي حيث تقدم للبرنامج 1400 من رواد الأعمال من كافة مناطق المملكة وبعد اتباع خطوات البرنامج المعتمدة بالتقييم والفرز ترشح 200 من المتقدمين وبعد ذلك تم اختيار 40 مرشحاً حيث إن أفكارهم قابلة للتنفيذ بعد أن تمت دراستها وفق سياسة البرنامج حيث يرتبط مع جهات تمويلية وكذلك التعاون مع 20 جهة من القطاعين العام والخاص لتقديم الخدمات لرواد الأعمال, فهذا العدد الكبير من الداعمين يساهم بنسبة كبيرة في نجاح المشاريع المؤهلة ويشجع الكثيرين على التقدم بأفكارهم في المستقبل، فالبرنامج سيقدم محفزات متعددة بالمرحلة الثانية التي أطلقت بالحفل الخاص بتخريج الرواد الذين اختيرت أفكارهم بالمرحلة الأولى ومنها الحصول على «محفزات مالية لأفضل المشاريع والدعم في استيفاء متطلبات الجهات التمويلية إلى توفير الخبرات اللازمة والنوعية لبناء دراسات جدوى تستوفي متطلبات الجهات المعنية وكذلك تقديم أراضي مصانع جاهزة فور انتهاء البرنامج بأسعار تنافسية للمشاريع المؤهلة والحصول على فرصة الشراكة من خلال عرالمشاريع المتأهلة على المستثمرين والاستفادة من خبراتهم إضافة إلى تسويق المشاريع المتأهلة عن طريق قنوات برنامج تطوير الصناعة الوطنية والخدمات اللوجستية والجهات المشاركة».
فأمام كل رائد أعمال فرصة ذهبية للتقدم للبرنامم فاحتياجات الاقتصاد للإنتاج الصناعي والخدمات اللوجستية كبيرة فرغم ما قدمته الرؤية من فرص هائلة إلا أن تطورات الاقتصاد العالمي بالسنوات الثلاث الماضية كشفت عن حجم ضخم من الفرص بعد أن عانى العالم من انقطاع سلاسل الإمداد بعد جائحة كورونا وبروز الحاجة لزيادة التصنيع المحلي داخل الدول بدلاً من الاعتماد على الاستيراد بالإضافة لاحتياجات ذلك من زيادة بفرص الأعمال بالخدمات اللوجستية, فالفرص كبيرة بعددها وحجمها وما يقدمه برنامج ألف ميل من مساعدة واحتضان لأصحاب الأفكار الإبداعية يمثل نقلة نوعية مهمة تعيشها المملكة باقتصادها الذي فتح المجالات لرواد الأعمال, فهذا البرنامج يختصر الوقت والجهد عليهم ويوفر لهم خدمات أهمها التدريب والتأهيل المتقن حيث استمرت فترة المرحلة الأولى 8 أشهر مما يدل على دقة العمل واحترافيته وإعطائه الوقت اللازم للمرور بكل مراحل التأهيل وتمكين أصحاب المشاريع المختارة من امتلاك مقومات نجاح أعمالهم.
برنامج ألف ميل مبادرة ملهمة محلياً وحتى دولياً يمثل خارطة طريق ناجحة لرواد الأعمال الراغبين بتأسيس مشاريع بقطاعات الصناعة والخدمات اللوجستية فهو أحد أهم البرامج الممكنة لرواد الأعمال الشباب ممن يملكون أفكاراً رائدة بهذه القطاعات ليستفيدوا مما تحقق من نجاحات هيئتها رؤية 2030 عبر برامجها الرئيسية وتطوير هائل بالبنية التحتية وكذلك إصدار وتطوير أنظمة عديدة بهدف تحقيق أفضل معدلات النمو الاقتصادي بكافة القطاعات والأنشطة والاستفادة من الكم الهائل من الفرص الاستثمارية محلياً, فزيادة مشاريع رواد الأعمال يساهم بتحقيق الهدف الأساسي بأن تمثل المنشآت الصغيرة والمتوسطة 35 بالمائة من الناتج الإجمالي المحلي مما يسهم بزيادة الطاقة الاستيعابية بالاقتصاد وتقليل الواردات وزيادة فرص العمل والاستثمار ورفع حجم الصادرات غير النفطية وكذلك الزيادة بحجم المحتوى المحلي.