رمضان جريدي العنزي
الشجاعة ضد الخوف، والإقدام ضد التردد، والكرم ضد البخل، والوقاحة ضد الحياء، والعطاء ضد المنع، والنشاط ضد التراخي، والسخاء ضد الشح، والجمال ضد القبح، والصيف ضد الشتاء، وكذا الخريف ضد الربيع، والثلج ضد الشمس، والإيثار ضد الأنانية، والحكمة ضد الحماقة، والطيش ضد الاتزان، والعقل ضد الجنون، والفطنة ضد الغفلة، والإفاقة ضد النوم، والصحة ضد المرض، والمدح ضد القدح، والمؤمن القوي ضد المؤمن الضعيف، والذي يعين نفسه ويفيدها، ضد الذي يتواكل على الآخرين ويستند عليهم ويعتمد، والذي يعيش مع الناس ويشاركهم همومهم، ضد المتوحد والمنطوي.
وعبر العصور وأختلاف الأمكنة والأزمنة والأراضي والبقاع، فالناس يختلفون ويتفاوتون ويتباينون، فبعضهم يحظى بالقبول والإكبار والتقدير والإجلال، وبعضهم الآخر يحظى بالكراهية والسخرية والاستهزاء والاستخفاف والاستحقار، فالإنسان العاقل السوي يترفع بنفسه عن الخطايا والزلل ومواقع النقد، والإنسان غير السوي يقع في المطبات والحفر ولا يبالي أن عرض نفسه للسخرية والنقد، إن الإنسان الحي عكس الإنسان الميت، فالإنسان الحي مثل الشجرة الوارفة تمنح الظل والبهجة، يعطي ويمنح ويشارك، يبر ويحسن، ووظائفه الاجتماعية ظاهرة ولا يمكن تجاهلها وإنكارها والتغافل عنها، أما الإنسان الذاتي والذي لا يهتم سوى بنفسه، ولا يتفاعل مع الآخرين ولا يكترث لهم، فهو مثل الميت وإن سار بينهم ومشى.
إن الفارق بين اللؤلؤة والجوزة كبير، فاللؤلؤة ثمينة، والجوزة لا يعبأ بها أحد، إن الإنجازات والعطاءات في المجالات كلها والتي يقدمها الإنسان للمجتمع هي اللؤلؤة الثمينة، (إن خير الناس أنفعهم للناس) كما هو الحديث الشريف، وهؤلاء النافعون للناس هم القمم السامقة، والشخصيات النبيلة، لهم عند الناس الرفعة العالية، والمكانة المتميزة، أنهم أرواح تقتحم القلوب بلا استئذان وتستقر في حناياها، بينما الأنانيون والذاتيون، يعيشون في الهامش وبين الحفر، أن الخيرين والذين يركضون من أجل الناس يعيشون في سعادة تامة وهناء، بينما الذين يحبون أنفسهم ويعيشون من أجلها فقط فيعيشون في تعاسة مطلقة ورداءة.