إذا كان الخمر أم الخبائث فإن الرشوة أم الفساد، مادبت الرشوة في مجتمع إلا تقوّض بنيانه وتصدعت أعمدته، إنها - أي الرشوة) ممحقة للبركة موجبة غضب الله ففي الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: (لَعَن رسول الله صلى الله عليه وسلم الرَّاشِي والمُرْتَشِي) واللعن يعني الطرد من رحمة الله، نفوس ضعيفة خانعة باعت الأمانة وكرامتها.
عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه: اسْتَعْمَلَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلًا علَى صَدَقَاتِ بَنِي سُلَيْمٍ ، يُدْعَى ابْنَ اللُّتْبِيَّةِ، فَلَمَّا جَاءَ حَاسَبهُ، قالَ: هذا مَالُكُمْ وهذا هَدِيَّةٌ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: فَهَلَّا جَلَسْتَ في بَيْتِ أبِيكَ وأُمِّكَ، حتَّى تَأْتِيَكَ هَدِيَّتُكَ إنْ كُنْتَ صَادِقًا ثُمَّ خَطَبَنَا، فَحَمِدَ اللَّهَ وأَثْنَى عليه، ثُمَّ قالَ: أمَّا بَعْدُ، فإنِّي أسْتَعْمِلُ الرَّجُلَ مِنكُم علَى العَمَلِ ممَّا ولَّانِي اللَّه، فَيَأْتي فيَقولُ: هذا مَالُكُمْ وهذا هَدِيَّةٌ أُهْدِيَتْ لِي، أفلا جَلَسَ في بَيْتِ أبِيهِ وأُمِّهِ حتَّى تَأْتِيَهُ هَدِيَّتُهُ، واللَّهِ لا يَأْخُذُ أحَدٌ مِنكُم شيئًا بغيرِ حَقِّهِ إلَّا لَقِيَ اللَّهَ يَحْمِلُهُ يَومَ القيامه (الحديث).
الطمع يسوق صاحبه للهاوية ثم يندم ساعة لاينفع مندم و لا اعتذار ليخسر سمعته ومكانته الاجتماعية وربما كان مسؤولاً ويطيح به طمعه إلى الهاوية ليخسر الوظيفة والسمعة والمكانة.
أيها المرتشي دخولك في هذا النفق يعني ضعف أمانتك لقاء حفنة من الدريهمات والتي قد تربحها وقد تنتزع منك ويعقبها ألم وندامة وأختم بهذه الأبيات:
لا تخضعنَّ لمخلوقٍ على طمعٍ
فإنَّ ذاك مضرٌّ منك بالدينِ
واسترزقِ الله مما في خزائنِه
فإنما هي بينَ الكافِ والنونِ
ولا أنسى أن أشير إلى الدور الكبير الذي توليه وزارة الشؤون الإسلامية لهموم المجتمع وتوظيف المنابر لتنبيه المواطن إلى الأخطار المحدقة بالبلاد لتكتمل الجهود وتجنيب المواطنين لما تخطط له الجهات المعادية للإضرار بالناس كالمروجين للمخدرات و أيضاً الدعوة لمكافحة الفساد وخاصة الرشوة حيث تناولت خطبة الجمعة بتاريخ 29-10-1444 التنبيه على هذا الخطر وأضراره على الأفراد وعلى التنمية بشكل عام حفظ الله أرض الحرمين المملكة العربية السعودية وحماها من كل شر ومكروه في ظل قيادتنا الرشيدة.