جدة - خاص بـ«الجزيرة»:
دعت دراسة علمية إلى العمل على إصدار لائحة حوكمة موحدة ملزمة لكافة الأوقاف الخيرية، أسوة بلائحة هيئة سوق المال السعودية، وتضع الحوافز والمكافآت التشجيعية للالتزام بها وتفعيل كافة مبادئها، مع أهمية العمل من قبل الجهات المشرفة على إيجاد بيئة رقابية سليمة تطبق كل أنواع الرقابة (الرقابة المسبقة Feed forward Control) وهي التي تسبق التنفيذ وحدوث الانحرافات عن المعايير الموضوعة وتسمح باتخاذ الإجراءات التصحيحية قبل حدوثها، الرقابة المتزامنة Concurrent Control وهي الرقابة التي تكشف انحرافات الأداء أثناء التنفيذ للأنشطة، والرقابة اللاحقة Feedback Control والتي تتضمن قياس الأداء بعد حدوث التنفيذ وتصحيح الانحراف وتعديل الأداء الحالي وتحديد الخطوات العلاجية للأداء المستقبلي)، وبذلك تضمن الرقابة الاستقلالية والممارسات السليمة لتطبيق حوكمة الأوقاف الخيرية.
وشددت الدراسة العلمية المعنونة بـ»حوكمة نظارة الأوقاف في الفقه الإسلامي.. وقف خدمة السيرة النبوية بالمملكة العربية السعودية - مكة المكرمة- نموذجاً»، للباحث فيصل بن عوض محمد عبدالقادر، ونال بها درجة الدكتوراه من جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية بالسودان، شددت على أهمية مواكبة الأوقاف لرؤية المملكة 2030 حيث إن المملكة العربية السعودية أطلقت رؤيتها المتضمنة ركائزها الثلاث (وطن طموح، اقتصاد مزدهر، مجتمع حيوي)، بات على الأوقاف الخيرية أن تلعب دوراً بارزاً، يسهم في التغلب على التحديات الاقتصادية والاجتماعية، ويوفر رافداً ثرياً لكافة فئات المجتمع؛ لتزدهي المملكة بمكتسباتها وموروثاتها الوقفية.
وأكدت الدراسة على ضرورة تشكيل لجان متخصصة تتمتع بالاستقلالية داخل الأوقاف الخيرية (المخاطر الاستثمار، المراجعة الداخلية)؛ لتسهم في تنفيذ الخطط التشغيلية والاستراتيجية لمجلس النظارة، مع أهمية قيام الأوقاف الخيرية بالتقييم الدوري للمخرجات ضمن مستويات الحوكمة المطلوبة، ومعرفة الفجوات وردمها من خلال فرص التحسين، مع أهمية أن يكون النظار على قدر عالٍ من التأهيل والمعرفة بمنظومة حوكمة الإدارية شاملة، والتي تتضمن المبادئ واللوائح والأنظمة الرقابية والمحاسبية والإدارية (العائلة الوظيفية ومؤشرات الأداء والخطط والجداول الزمنية)؛ لإدارة الأوقاف الخيرية وفق منهجية واضحة وشفافة، والعمل على تدريب كافة الكوادر العاملة تحت النظار في المجال الوقفي على الأساليب والأدوات والآليات الحديثة للحوكمة، وإكسابهم المهارات والمعارف التي تمكنهم من المساعدة في إدارة الأوقاف بطريقة احترافية مهنية؛ تحقق المصالح والغاية الخاصة بالأوقاف، مع أهمية الإحساس بالمسؤولية من قبل النظار تجاه النظارة، والالتزام بالضوابط الشرعية، والمعرفة بالطرق الحديثة في إدارة الأوقاف؛ لتكون إدارة الوقف إدارة مؤسسية، تنهض بالأوقاف لتقوم بدورها التنموي الرائد الذي طالما عرفت به أسوة بسلفنا الصالح رضوان الله عليهم أجمعين.
ودعت الدراسة إلى إجراء أبحاث مستقبلية تشتمل على أبعاد ومتغيرات جديدة، إما بإضافة أو بشكل منفصل وذلك بقصد الإحاطة بمزيد من جوانب الحوكمة، وإنشاء الكراسي العلمية والمعاهد الوقفية، للقيام بالبحوث والدراسات الخاصة بتطبيقات وممارسات الحوكمة، وتزويد الجهات ذات الاختصاص بها؛ لتسهم في تطور منظومة الأوقاف وتحوكم كافة عملياتها وإجراءاتها.
وأوصت الدراسة مجلس النظارة إلى أهمية استكمال المتطلبات اللازمة لتطبيق كافة مبادئ نظام الحوكمة في وقف خدمة السيرة النبوية، ويمكنهم تكليف بعض أعضاء المجلس بالإشراف على ذلك، وكذلك النظر في إصدار المجلس قراراً إدارياً ينص على إنشاء وحدة خاصة بمتابعة تطبيق مبادئ الحوكمة، تعمل على نشر ثقافة الحوكمة وتطبيق مبادئها وكافة الإجراءات اللازمة لذلك سواء كانت من قبل العملاء الداخليين أو الخارجيين أو بالتعاون مع الجهات المشرفة، والعمل على بناء وتطوير دليل خاص بتطبيق مبادئ الحوكمة، يكون بمثابة موجه ومرشد لكافة العاملين في الوقف.