الثقافية - علي بن سعد القحطاني:
الأدب الرقمي والرواية الرقمية ضمن اهتمامات أدباء ومثقفي المعرض.. ود. بشار عواد معروف يكشف خبايا التحقيق.
قدّم معرض المدينة المنورة للكتاب 2023 لزوّاره باقةً من الأنشطة والفعاليات الأدبية والثقافية والمعرفية على مدار عشرة أيام متتالية - التي تختتم فعالياته غداً - كان قد اسقبل زواره على مدى عشرة أيام من الساعة الثانية ظهراً إلى 12 بعد منتصف الليل، بحضور نحو 300 دار نشرٍ محلية وعربية ودولية، وثُلّةُ مثقفين من كُتَّابٍ وأدباء وشعراء من داخل المملكة وخارجها يحييان البرنامج الثقافي للمعرض الغنيّ بالأنشطة والفعاليات المتنوعة.
ويُعد معرض المدينة المنورة للكتاب 2023 ثاني معارض الكتاب في المملكة التي تُنظّمها هيئة الأدب والنشر والترجمة لهذا العام، ضمن مبادرة «معارض الكتاب» - إحدى المبادرات الإستراتيجية لهيئة الأدب والنشر والترجمة -، على أن يعقبه معارض بمدنٍ أخرى من مختلف مناطق المملكة، بهدف الوصول إلى أكبر شريحةٍ ممكنة من عُشاق القراءة والكِتابة سعياً إلى تعزيز أهمية القراءة واكتساب المعرفة.
ومن جملة الندوات التي نظمتها إدارة المعرض ندوةً حوارية بعنوان: «هل هناك أدب رقمي عربي بالفعل؟»، وتحدث خلالها الشاعر والأديب الدكتور ماهر الرحيلي، والشاعر والأكاديمي محمد حبيبي، والروائي الرقمي الدكتور محمد سناجلة، وأدارها الأستاذ عبد العزيز طياش
وتطرق د. الرحيلي في بداية حديثه بالندوة إلى مفاهيم الأدب الرقمي، مؤكداً أنه موجود كإجابة على سؤال الندوة، وقال: «الأدب الرقمي لا يهدد الورقي، وليس هناك اصطدام ولا صراع بينهما، بل تكامل وتطور»ومن جهته، عرض د. سناجلة ورقة تطبيقية حول الرواية الرقمية، مشيراً إلى أنه أصدر أول رواية رقمية عام 2001م، وهناك تجارب متعددة، واليوم يستطيع الذكاء الاصطناعي أن يكتب أدباً، فهذا الأدب - عالمياً - موجود من عام 1985م، ومستعرضاً خصائص الرواية الرقمية من خلال رواية «كموش»، ومضيفاً: «كل رواية تحمل روابط، ومؤثرات، وصوتاً، وصورة، وموسيقى هي رواية رقمية، ولافتاً إلى أن مفهوم الزمن لدى الروائي واضح؛ ماض وحاضر ومستقبل، فهو متحرر منه، والرواية الرقمية لا تُكتب ولا تُقرأ ولا يتم التفاعل معها ورقياً. وموضحاً بأن في روايته «الصقيع» الكلمة ليس لها دور بل الدور الرئيس للمؤثرات، ومختتماً حديثه بالتأكيد على أن الأدب القديم في طريقه للاندثار، وأن الألعاب الإلكترونية هي الأدب القادم.
ومن جانبه، استعرض د. حبيبي في ورقته «الشعر الرقمي» تجربته من خلال قولبة قصائده عبر المؤثرات المتعددة، وإشراكه والدته وأبناءه في العمل، إضافةً لأصوات الرُعاة، والباعة، والماء؛ ليسمح لخيال المتلقي بالتحليق، فما لا يستطيع كتابته شعرياً كتبه الصوت والصورة، ومن لا تجذبه الكلمة ستجذبه المؤثرات، وما لا يمكن وصفه من ذكريات يمكن توظيفه في دقائق معدودة.
المحقق بشار عابد معروف
وصف المحقق والمؤرخ العراقي بشار عواد معروف، تحقيق المخطوطات بالأمر الخطير كونه يُعنى بهوية الأمة، ومبدياً نفيه في أثناء ورشة عمل نظمها معرض المدينة المنورة للكتاب 2023 أن يكون للمستشرقين دور في تحقيق المخطوطات، فهو إجراء درجت عليه الحضارة الإسلامية، وكان هناك عناية حيال ضبط الكتب وتحقيقها تخضع لقواعد زمن التحقيق التزمها المحققون وعملوا بها.
وبيّن «معروف» أن هناك ملامح لا بدَّ أن تكون بادية على المحقق، وتُعد مقياسًا على جودة عمله، ذاكراً أهمها: «البحث عن الكتاب المراد تحقيقه من حيث أهميته والتأكد من المصادر، لاسيما ونحن في زمن تبدو فيه عملية العثور سهلة ميسرة، بعكس العصور السابقة وصعوبة العثور على جميع النسخ المتوفرة ودراستها علميًا»، ومشدداً على ضرورة أن يتحلى المحقق ولو بطرف من العلم المراد التحقيق في مخطوطته، فلا يجوز لأي إنسان أن يُحقق في كتاب في غير تخصصه، وأن يكون من الذين يعلمون خبايا العلم المقصود تحقيقه، فالتخصص ضرورة».
وأوضح أن من الخطوات السليمة للتحقيق هي جمع الكِتاب، وأن يختار المُحَقق أجود النسخ، واستبعاد النسخ التي نُقلت من أخرى، ومستطرداً: «وغير مستبعد أن يكون المؤلف غيّر رأيه فنشر إصداراً آخر، مما يستوجب الجمع ما بينها»، وتابع حديثه: «إذا وجدت نسخة من خط المؤلف يكتفي المحقق بها، فمن الخطأ إضافة نسخ أخرى عليها»، ومستثنيًا من ذلك وجود نسخة أخرى فستعتمد مع نسخة المؤلف الأولى، قائلاً: «فما كتبه هو الصواب حتى وأن كان خطأ، آخذين في العلم أن هناك نوعان من النقل حرفي ونوعي».