في ذروة الصراع بين الصحوة والحداثة كانت البداية، في زمن غير الزمن وبيئة مختلفة تحمل الكثير من التناقضات وعالم شب على حروب باردة وساخنة وكرة القدم تحتل المساحة وتسرق الأضواء بعد أن حققنا كأس آسيا لأول مرة رغم كل تلك المعطيات السلبية والإيجابية يختار صاحبنا الاتجاه إلى عالم الصحافة وتحديداً الصفحة الثقافية، لماذا؟ سؤال يملأه التعجب لو كان راغباً في الشهرة لاختار دون تردد الصفحة الرياضية، لما للرياضة من شعبية كبيرة فمن خلالها يمكنه الوصول إلى عالم الشهرة والنفوذ بكل سهولة وخاصة أنه يملك الكثير من المميزات التي تساعده، فهو متمكن من اللغة بل بارع فيها ويمتلك صوتاً إذاعياً وثقافة عالية بسب القراءة المبكرة في مكتبة والده والمكاتب الأخرى وتقديم الأمسيات الثقافية في شبابه في ناديين هما النجمة والعربي في عنيزة، ولكن للتربية والتربة ودورهما في صقل ذلك الفتى كي يتجه إلى ماهو عليه اليوم، البداية لم تكن سهلة مقالات تلغى وصفحات تحذف بسبب الجو العام، كانت كفيلة بأن تغير المسار والمسيرة، لكن صاحبنا كان قوياً ومتماسكا بما يكفي لتتمة المشوار، صفحة «قراءة في مكتبة» هي بداية إنطلاقته مع الكبار العلامة حمد الجاسر، الأديب عبد الله خميس، الشيخ عبد الله بن إدريس، الشيخ أبو عبد الرحمن ابن عقيل، الأديب الكبير عبد الكريم الجهيمان، وغيرهم الكثير وبعدها واجهة ومواجهة الذي استضاف فيها الكثير من الكبار ولمن يرغب في معرفتهم وقراءة ما كتب عنهم يذهب إلى كتاب الدكتور إبراهيم التركي «إمضاء لذاكرة الوفاء» ويأتي إشرافه على الثقافية عام 2003 م واهتمامه في جيل الرواد وفتح ملفات للكتابة عنهم في حياته واستكتاب الكثير من النخب الثقافية للكتابة في تلك الملفات هو إنجاز فريد يحسب له كما يحسب له أيضاً ولجريدة الجزيرة ورئيس تحريرها الأستاذ خالد المالك فتح صفحات المجلة الثقافة لكل صاحب قلم وفكر دون تحيز لفكر دون فكر الباب مفتوح للجميع والشرط الوحيد الكتابة بموضوعية ومنطق، مشواره طويل وملئ بالمحطات المهمة والخبرات التي استقاها من التنقل المعرفي بين دول العالم، ساعده كل ذلك على أن يكون بتلك البراعة وذلك الاتقان للعمل الصحفى والمسؤولية الصحفية تحتاج إلى جانب الثقافة القدرة على الإدارة والحس بالمسؤولية والتواضع وعدم التحيز وفتح النوافذ قبل الأبواب للهواء والبشر للحوار لنكون في قرب الجميع ونسمع الجميع بدأت علاقتيالتركي قبل بضع سنوات عندما قدمني له عادل العلي كي أنشر حواراتي في الثقافية ما شدني له التواضع الذي يأسرك وحبه للعمل الثقافي وتقديمه للنصائح التي تساعد على ظهور العمل الأدبي مكتملاً وعدم المجاملة وإعطاء المساحة والاهتمام بالموضوع أولاً دون التفكير في اسم صاحبه فهو من يحدد موقعه بالثقافية وهل ينشر أو يحذف، وفي نهاية حديثي يطيب لي أن أقدم الشكر والتقدير لأبي يزن على ما قدم للساحة الثقافية من جهد يشكر عليه.
** **
- محمد الهلال