أحمد بن محمد الشريدي
بقلوب يملؤها الحزن والأسى والإيمان بقضاء الله وقدره.
نعى الوسط الفني والإعلامي والمجتمع السعودي والخليجي رحيل الفنان السعودي الخلوق فهد الحيان الذي صنع الفرح والسعادة على مدى سنوات طويلة في عيون ونفوس محبيه السعوديين والخليجيين والعرب المقيمين، وسكن قلوب الملايين من المشاهدين، لما يتمتع به من جمال شخصية ومهارات إبداعية، تتسم بالعفوية والبساطة وخفة الدم والظل، ولما يتفرد به من حضور لافت وكبير استطاع من خلالها أن يجسد أبهى وأجمل صورة مشرفة عن «الكوميديا النقية» ويثرى بإبداعه الغزير الدراما السعودية أعمالاً ذات قيمة، وقدر، فكان الفقيد الراحل جميلاً في شخصيته المرحة والودودة، ومتألقاً في أداء أدواره، رائعاً في فكره المتزن، ومستقيماً في طرحه، متصالحاً مع نفسه ومع الجميع، الأمر الذي جعله نموذجاً حياً ومشرفاً للفنان القدوة والأصيل والمواطن الصالح الغيور على دينه، والمتمسك بمبادئه وقيمه طوال مسيرته الفنية الحافلة بالإنجازات المشرفة، فكان صامدًا أمام كل التجاوزات والتنازلات الأخلاقية ولم يلوث أعماله الفنية بما ينافي القيم أو تعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، بل كان حريصاً ومحافظاً ومترفعاً عن كل أنواع الإثارة، ومتجنباً المهاترات والجدليات والتطرف وبعيداً كل البعد عن الاصطدامات والصراعات أو المبالغة في ممارسة جلد الذات لأنه يعي أن هذا السلوك السلبي حالة نفسية يود بعض المحسوبين في الوسط الفني تعميمها على الجميع من باب التلذذ في الغلو والإساءة في انتقاد الذات بشكل يجعل النقد انتقاصا لا معالجة موضوعية ومتأنية، لذلك كان الفنان الوديع فهد الحيان بلسماً مسالماً ومتصالحاً مع نفسه ومع الجميع، وفي الوقت نفسه قمة النخوة والمروءة والغيرة على مجتمعه وقيمه وشجاعاً في قول الحق ومواجهة الحقيقة، ومخلصاً لدينه ووطنه، ومدركاً أن الإبداع والفن رسالة وأمانة وضمير وقبلها مخافة الله في كل ما يقدم من أعمال وكلمات، ومن بين الشواهد التي تعكس واقع شخصية فهد الحيان خارج الوسط الفني ذكر لي الصديق أبو تركي أحد أصدقاء الفقيد المقربين قبل كتابة هذه المواساة حول أهم صفاته النبيلة التي يتميز بها أبو حيان هي ابتعاده عن الاصطدامات وتجاوزه الخلافات، وكلما يعكر صفوة علاقاته مع الآخرين، لدرجة أنه في مواقف كثيرة يكون لديه الاستعداد للتنازل عن حقه، وكل ما يخصه مالياً ومعنوياً في سبيل عدم وقوع أي إشكالية أو خلاف مع كائن من كان، وذلك من أجل شراء راحة باله حسب وصف أبو حيانكما كشف صديقه أن فهد قلبه نقي وطبعه عفوي ولا يحمل في نفسه على أحد أي شيء، وأيضاً لا يحب الإساءة أو الكلام عن أحد في غيابه، لذلك فهو كان يتمتع بدماثة خلق وطهارة قلب وبساطة وعفوية وخفة ظل، وفي الجانب الإنساني فهو حريص على المبادرات الخيرية والاحتساب ومساعدة المحتاجين ومواساة الآخرين..
نسأل الله أن يجعلها في ميزان حسناته ويجعلها أثراً طيباً ومباركاً له ولوالديه وأسرته.
من هنا عاش حياته نقيا وطيباً ومحباً ومحبوباً، وثرياً بحب المشاهدين وتقديرهم، ومحبة الناس قبس من محبة الله وفضله.
وكما أسعد أبو حيان وأضحك ورسم الابتسامة على وجوه الملايين طوال السنين الماضية فجع محبوه بنبأ وفاته، تاركاً رصيداً خالداً وعطاءَ قيماً ومشرفاً يخلده الزمن.
رحل فهد من الحياة الفانية إلى الحياة الباقية وستبقى سيرته الطيبة العطرة حية لا تموت.
خالص العزاء وصادق المواساة إلى أسرته الكريمة وزوجته الفاضلة وأبنائه حيان وشهد ورغد، بهذا المصاب الجلل برحيل (حبيب المشاهدين فهد الحيان) إلى الدار الأخرى والآخرة خير وأبقى، سائلاً الله أن ينعم عليه بعفوه ورضوانه. ويرفع درجاته في عليين وينزله منازل الصالحين، ويجعله من الضاحكين المستبشرين الغارسين من ثمار جنته الشاربين من حوض نبيه، وجمعه بأحبابه في جنات النعيم على سرر متقابلين.
وأجبر كسر أسرته وربط على قلوبهم، وألهمهم الصبر والسلوان، وأجزل لهم بالصبر أجراً.
{إنا لله وإنا إليه راجعون}.