عبد الله سليمان الطليان
في معترك الحياة لابد للإنسان أن يعمل ويكد من أجل لقمة العيش والسكن والمبلس والتنقل، التي تتغير مع الوقت وبحسب الزمان والمكان، ومع هذا التغير نجد هناك من يمنحه الله الرزق الوفير فيرتقي واقعه إلى رخاء وثراء ويعيش في بحبوحة، يكون المال طوع أمره يلبي حاجاته وأمنياته في أي وقت، ونحن نخص بالذات عن إنسان لا يدير أعماله بنفسه فهناك من يقوم عنه بذلك، فهو بعيدٌ عن أماكن العمل إلا ما ندر، يكون أحياناً في سعة من الوقت يلاحق هواياته ولهوه، يمكن أن لا يغفل عن عمل الخير أو تقديم المساعدة، ولكن هذا قد يحصل عند القلة وليس بشكل كبير.
سوف أستعرض مسألتين تخص بعض من أنعم الله عليه بالرزق في واقعنا، ولسنا نعطي صفة التعميم، الأولى هي المتعلقة بعمل الخير والمساعدة والتي تتم في وجوه عدة وإن كان الغالب فيها هو دفع المال للمحتاجين الذي يمكن أن يتم دفعه بسرية تامة أو في علانية ولكن مقصورة على جمع صغير يمكن أن يكون في محيط العائلة أو الأقارب أو الأصدقاء، نرى في هذا ممن يحطم هذه السرية وبشكل فاضح أحياناً، في كل مجلس أو لقاء ويذكر كل ما قدمه من مال أو مساعدة لشخص ما، وأنه السبب في خروجه من أزمته أو تغير واقعه إلى الأفضل أو الأحسن، ونحن لا يمكن أن نغفل عن نكران الجميل لدى بعض من امتدت إليه يد المساعدة، مما يجعل صاحب المساعدة في تعجب وضيق فيسارع في التعريف بالحقيقة وإظهارها لمن حوله. روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إياكم والامتنان بالمعروف فإنه يبطل الشكر ويمحق الأجر ). أتمنى أن يكون الحديث صحيحاً.
يقول أحد الشعراء:
أفسدت بالمن ما أسديت من
حسن ليس الكريم إذا أسدى بمنان
المسالة الثانية وهي التي لها أثر سلبي خاصة في حاضرنا مع تنوع تكاليف المعيشة، والبحث نحو زيادة مصدر الدخل عبر عمل أساسي أو عمل حر، تجد أن هناك أحياناً ممن يثبط العزيمة والإصرار من أصحاب الثراء، لدى من هو لم يستطع التغلب على متطلباته وحاجاته بسبب قلة الدخل، تصدر من هذا المثبط إما على نحو دعابة أو طرفة ممزوجة بروح التعالي والازدراء من صاحب الدخل البسيط، مثل عبارة (دخلك هذا أحصل عليه في يوم أو أسبوع )، فبدلاً من التشجيع وإعطاء تجارب ناجحة في الأعمال التجارية الحرة، نجد العبارات التي فيها سخرية لاذعة على حال صاحب الدخل البسيط، بدون معرفة أحياناً ظروفه الاجتماعية والمادية، إن أمثال هؤلاء لا يدركون حجم الأثر السلبي التي تحدثه تلك العبارات، لذلك من المستحب الابتعاد عن مجالسة من هم على هذا النحو قدر الإمكان.