وصلتني رسالة من أحد الأشخاص كانت عبارة عن تهنئة بيوم ميلادي وكانت تهنئة عن طريق البريد الإلكتروني، للوهلة الأولى تفاجأت بتلك الرسالة ليس لأنها أول مرة ترسل إلي ولكن لأنها أرسلت بطريقة أشبه ما تكون بتهنئة عيد من أعيادنا الإسلامية، وهنا يأتي السؤال المهم كم عيداً نحتفل، أعلم أن هذا السؤال قد يثير الشك قليلاً عند بعض القراء عن كاتب هذا المقال، فليس هذا هو المقصود ولكن ليسمح القارئ الكريم بتوضيح بعض الأمور الشائكة في هذا الموضوع الذي لم يكترث بعض الناس بأهميته، إن للأعياد والاحتفال بها ارتباطاً وثيقاً بذكرى تتجدد بإستمرار إما لإحياء مناسبة دينية وإظهارالفرح فيها أو احتفالاً بيوم رأس السنة أو تبادلاً لمشاعر رومانسية قائمة على الحب أو غير ذلك، وحيث أننا مسلمون فإننا نمتلك هوية وحضارة إسلامية مشرقة أضاءت الطريق المظلم الذي سارت عليه البشرية لقرون، وهذه الحضارة انتشرت أكثر ما يكون في بقع وأماكن متعددة في أوروبا وأفريقيا وغيرها، وكانت لها فيها آثار ومظاهر لا تزال خالدة في دنيا الناس إلى اليوم، وكم كانت الأمم فيما سبق تطمح وتمني النفس أن تكون متميزة وحاضرة في أذهان الناس، ولذلك فلم يجدوا إلا أن يقتدوا بحضارتنا وروادها الذين برزوا في مجالات إنسانية ومعرفية مثل البحث العلمي وتطبيق نظريات العلم التجريبي بل واكتشاف النظريات، وكذلك دراسة علوم الفلسفة والتعمق فيها إضافة إلى ما أسهم به شعراؤنا وأودباؤنا وغيرهم في نقل هذا التراث الضخم للأمم الأخرى، وبالتالي فإن ما يمنعنا من احتفالنا بأعياد غيرنا أو بمناسبات خاصة بهم قد تكون من طقوسهم الدينية هو ما يأمرنا به ديننا الحنيف أولاً الذي شُرع لنا فيه من الأعياد التي تفرحنا وتغنينا عن مناسبات غيرنا، وأيضاً عدم الذوبان مع ثقافات وأديان تضعف جانب الهوية وجانب الدين قبل كل شيء، ومما يميز أعيادنا هي أنها تكون في نهاية مواسم طاعات كصيام رمضان أو يوم عرفة فيأتي العيد والمسلم يشعر بالفرح والشكرعلى التمام ويسأل ربه القبول، ومما تتميز به أعيادنا أيضاً أنها تحمل أكبر اجتماع سنوي لأعياد في العالم حيث إن مناسبة العيد تجمع آلاف الناس مجتمعين في المصليات وربما أكثر وليس أعيادًا مقصورة على عائلة أو أسرة بانعزال عن غيرهم، وأيضاً مما تتفرد به أعيادنا الإسلامية أنها ليست بتلك الكثرة كما هي أعياد الأمم الأخرى فهما عيدا الفطر والأضحى، ولذلك فإن الاشتياق يكون لهأكثر وترى اللباس الجديد، وأيضاً فإن أعيادنا يتشارك فيها جميع شرائح المجتمع الغني والفقير متشاركين الفرحة لافرق بينهم، ومثال ذلك أن شرعت صدقة الفطر وتخرج قبل العيد بيوم ليتشارك الفقراء والأغنياء الفرحة، وتتميز أعيادنا بأنها تستمر عدة أيام، فالزيارات والاجتماعات العائلية تستمر ثلاثة أو أكثر بعد العيد على العكس من بعض الأعياد كعيد الحب أوما يسمى بالفالنتاين الذي يقام في 14 فبراير كل سنة وفي 15 فبراير تختفي كل مظاهر اليوم السابق وهذا اليوم يشابه الكثير من الأعياد غير الإسلامية في الشرق والغرب، وختاما فإنني أعيد نفس سؤال عنوان المقال والإجابة لديك عزيزي القارئ.