لحظة مميزة في تاريخ المملكة العربية السعودية، كتب خلالها وطننا مساء أمس باباً جديداً في كتاب ريادتها وإنجازاتها، مع انطلاق رائدي الفضاء السعوديين ريانة برناوي وعلي القرني إلى محطة الفضاء الدولية التي تبعد عن سطح الأرض بنحو 420 كم، ليخوضا أول مهمة في السفر إلى محطة الفضاء الدولية في تاريخ المملكة، وأول مهمة لامرأة عربية ومسلمة في الفضاء.
المهمة الثانية للمملكة، التي يجرياها ريانة برناوي وعلي القرني فيها 11 تجربة علمية نوعية على مدار 12 يوماً في محطة الفضاء الدولية، تؤكد ومن دون أدنى شك أننا سائرون في تحقيق تأثير قوي يليق باسم المملكة في تعزيز مكانة المملكة عالمياً وخدمة البشرية، وإبراز دور مراكز الأبحاث السعودية وتأكيد جهودها الحثيثة في إحداث تأثير علمي في هذا المجال.
ورهاننا الرئيسي على شبابنا وشابَّاتنا في هذا الجيل والأجيال القادمة، الذين يعملون بكل ما لديهم من إمكانيات وقدرات على إعلاء رايته خفاقة بشهادة التوحيد ومحفوفة بحفظ الله ثم بأبناء الوطن في سماء المجد، ويرسمون للشباب العربي طريقاً جميعه أمل وعزم وعلم، وهو ما أكده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية بقوله: «لا شك أن العالم كله الآن يعيش عصراً مختلفاً وزمناً جديداً أسلحته كثيرة ومتنوعة، ولكن العصب الأساسي لكل هذا التنوع هو العلم والمعرفة، ولأن الشباب هم قاعدة كل البلدان، وهم حملة شعلتها والأيدي التي تبني حاضرها وقادة مستقبلها، فلذلك كان التركيز عليهم هو الأساس في أي حراك تنموي وخطط طموحة لنهضة الدول وعزها ورفعتها، وفي المملكة كان ولا يزال خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، على اتصال مباشر مع كل ما يخص الشباب».
المشاركة النوعية للمملكة في هذه المهمة، تترجم بكل وضوح منزلتها الرائدة بين الدول الرائدة الكبار في هذا القطاع الحيوي على مستوى العالم، وهو ما تحقق برؤية قيادتنا الرشيدة 2030، التي جزمت بأهمية هذا القطاع، وما يمنحه من فرص في المجال المعرفي والاقتصادي الغير مسبوق، وعملت على تعزيز إسهاماته في علومه المتخصصة المستقبلية، من خلال إستراتيجية طموحة تهدف إلى تطوير كوادر الوطن من المواطنين المتميزين والموهوبين، وتدريبهم وتأهيلهم ليكونوا في طليعة مسيرة الاستكشاف العلمي المستقل محلياً وعالمياً، والسير لآفاق بعيدة في هذا المضمار، الذي أصبحت فصوله المضيئة تتالى بمنجزات استثنائية وفريدة، تمثِّل واحدة من أروع وأجمل قصص نجاح المملكة على المستوى العالمي.
المملكة تخطو اليوم خطوة جديدة في برنامجها الطموح لاستكشاف الفضاء وعلومه، ونجاح مرحلة إطلاق هذه الرحلة العلمية للفضاء تؤسس من دون أدنى شك المزيد من النجاحات والمنجزات، برؤية قيادة ملهمة ليس لطموحاتها وتطلعاتها حدود، وتسعى لريادة وطن لا يعرف المستحيل، مستلهمة من رؤية مؤسس هذه الدولة إرشادات الطريق، الذي نسير على هداه لنكون دائماً في الطليعة.
وبمناسبة مشاركة رائدَيْ الفضاء السعوديَّيْن ريانة برناوي وعلي القرني في إطلاق صاروخ «فالكون» ومركبة «دراغون» يسرني أن أرفع التهنئة لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود - حفظهما الله - وللشعب السعودي على الإنجاز الكبير الذي حققه للوطن في هذا اليوم التاريخي.
يقول الشاعر الدكتور بندر بن مفرح العسيري:
بكَ يا محمدُ قد سَمَتْ أحلامُنا
وتسامَقَت آمالُنَا لتُعانِقَك
نحو الفضاءِ رسمتَ دربَ طمُوحِنَا
فتعلقتْ هِمَمُ الشبابِ بكوكبك
وغدوتَ تصنعُ للبلادِ مهابةً
تَمضِي بشعبكَ لا تَكِلُّ عزائِمك