سمر المقرن
مشكلة ثقافية صعبة، عدم سماع الرأي الآخر، وعدم احترامه، وعدم تقبله، وإطلاق الأحكام «المعلبة» على صاحب الرأي لا على رأيه.
أقول هذا، بعد أن خضت تجربة طرح فكرة أن الرقص (فطرة) لدى الإنسان عبر سناب شات هذا الأسبوع، وقد لاقت هذه الفكرة اختلافاً كبيراً مع رأيي.. تم التعبير عنه من -بعضهم- مع شخصي, بل إنني أجزم بأن أصحاب هذا «الخلاف» وليس «الاختلاف» لم يكلفوا أنفسهم محاولة الإنصات لما أقول.
أحاول حقيقة في تواصلي مع الناس عبر مواقع التواصل الاجتماعي إجراء نقاشات بنّاءة، لكنها لن تكون كذلك خصوصاً إذا تمت مواجهتك باسم (الدين) وهذا أمر آخر لأن الدين أرحب وأكثر سعة من أفكار من يُمسك بسيفه.
أعود إلى الفكرة الأساسية، وهي أن الرقص (فطرة) ومع أنني لا أجيده، لكن من المهم أن أعبر عنه وإخراجه من ظلم التصنيف والعيب والحرام، وتجزئته إنسانياً، بحيث يكون حلالاً مباحاً للرجل على أن يرقص بطريقة تواكب العادات والتقاليد، وإن حادَ به عن هذا المسار ليعبر بالرقص بطريقة مختلفة فغالباً ما يُرجم بالتشبه بالنساء، مع أنه في الواقع يُعبر عن مشاعره وأحاسيسه بالطريقة التي يتجاوب فيها جسده مع الموسيقى. في حين أن المرأة لا يُمكن أن ترقص بعيداً عن مجتمع النساء إلا ويتم وضعها ضمن خانة السلوكيات غير الأخلاقية، والنظر لها بدونية وانتهى أمرها.
لننظر إلى الرقص بعيداً عن كل هذه الجوانب، ونتجرّد من الأفكار المسبقة والجذور الثقافية ونظرة العيب العار، فإن كان فطرة فلماذا هذه الأفكار المجحفة تجاهه؟ وأبسط ما يُمكننا ملاحظته بالنظر إلى الطفل حتى وهو في شهوره الأولى وطريقة تعاطيه «جسدياً» عند سماع الموسيقى, بلا شك سنجد أطرافه قد تحركت بتلقائية بل وسوف نجده في حالة ضحك وفرح وسعادة، هذه الحالة تؤكد بأن الرقص فطرة وأنه مدخل للبهجة.
وأول هذا، قرأت دراسة لعالم النفس البريطاني مارسيل زينتنر أجراها في جامعة يورك، قام فيها بمراقبة 120 طفلاً أعمارهم تتراوح بين خمسة أشهر وسنتين، بعد عرضهم على مجموعة من الإيقاعات الموسيقية وملاحظة استجاباتهم الممتعة والمختلفة مع المعزوفات وقال في هذه الدراسة: «الأطفال يولدون مبرمجين للرقص».. من هنا، وبعيداً عن تاريخ الرقص وأشكاله وتطوراته، وبعيداً عن فكرة الأعراف والتقاليد والتحليل والتحريم، فإن الإنسان الطبيعي ولد بفطرة الرقص.