في الوقت الذي يزداد فيه التطرف الصهيوني ويتصاعد إرهابه وعدوانه المستمر على الشعب الفلسطيني دون رادع يردعه، تبقى ازدواجية المعايير الدولية تحكم مواقف العالم الغربي عامة وأوروبا وأمريكا منه خاصة، من حقوق الشعب الفلسطيني، ويستمر غض الطرف والنظر عن جرائم الاحتلال المتصاعدة يومياً دون توقف، ففي عدوان إسرائيل على غزة فجر التاسع من أيار جرى اغتيال خمسة عشر فلسطينياً غالبيتهم من الأطفال والنساء، وفجر اليوم العاشر من أيار يغتال فلسطينيون فجراً في قباطية، ويوقع عدداً من الجرحى ويعتقل العشرات من مدن فلسطينية مختلفة في نفس الليلة، ظاناً بهذه الإجراءات الوحشية والإجرامية الإرهابية أن يكسر إرادة الشعب الفلسطيني وأن ينال من صموده وعزيمته ومقاومته لاستمرار احتلاله..
منذ بداية العام الجاري 2023 م وخلال مئة وثلاثين يوما فقد ارتقى مئة وأربعون شهيداً فلسطينياً بينهم عدد كبير من النساء والأطفال..
رغم ذلك إرادة الشعب الفلسطيني الصابر والصامد والمرابط وصاحب الحق المناضل والمطالب بالحرية والعودة لن تكسر ولن ينهزم..
هذه الحقيقة السياسية والقانونية والاجتماعية والتاريخية الصارخة التي تتبلور وتتجسد اليوم في أرض فلسطين عامة وفي القدس خاصة والتي يسطرها المقدسيون والفلسطينيون اليوم في القدس وفي كل مدن فلسطين المحتلة، وعلى مدى قرن وأزيد والشعب الفلسطيني يواصل انتفاضاته وثوراته المسلحة تارة، ومقاومته وانتفاضته الشعبية تارة أخرى، في وجه الهجمة الصهيونية الغربية واستعمارها لفلسطين، يرفض الشعب الفلسطيني الاستسلام أمامها والتسليم لها بمخططاتها وأهدافها الاستعمارية والعنصرية الفاشية الاقتلاعية الإحلالية...
مؤكداً ومعلناً أن انكسار وفشل المشروع الصهيوني وكيانه الاستيطاني العنصري الإحلالي الاقتلاعي بات قريباً ومسألة زمن...
هذا المشروع الاستعماري الهادف إلى إفراغ فلسطين من شعبها وأهلها الأصليين وفي المقدمة منها في القدس لما تمثله القدس من هدف وغاية وعنوان لمشروعه الاستعماري، ولما تمثله من رمزية سياسية وتاريخية وقانونية وعقائدية للشعب الفلسطيني وللعرب مسلمين ومسيحيين عامة..
إن هذا الهدف الإجرامي لن ينجح ولن يتحقق، لأن فلسطين ليست جزيرة عزلاء منسية في أعالي البحار، بل تمثل قلب العالم العربي والإسلامي جغرافياً وديمغرافياً، فكيف يمكن لهذا المشروع الاستيطاني الإحلالي الاقتلاعي أن ينتصر، وأن يتمكن من النجاح والبقاء والحفاظ على أمنه رغماً عن الشعب الفلسطيني الثابت والصامد في وطنه، والمقاوم لكل أشكال الاقتلاع أو الإذابة في الكيان الاستعماري، ورغماً عن الأمة العربية والإسلامية؟!.
إن شعب فلسطين بصموده ونضاله الأسطوري حال دون انتصار ونجاح هذا المشروع الصهيوني، الذي جاء في المكان والموقع الخطأ جغرافياً وديمغرافياً وسياسياً وقانونياً، فهو محكوم بالفشل والزوال، والمسألة لا تعدو عن مسألة زمن وصراع وعدوان مستمر حتى تكتمل شروط انكساره وهزيمته وزواله، وتتحقق شروط الانتصار الكامل والنهائي عليه، حينها تستعيد فلسطين وشعبها حقيقتها التاريخية والقانونية والاجتماعية والسياسية جزءاً لا يتجزأ من محيطها العربي الإسلامي..
لن يتحول هذا المشروع الصهيوني أمام هذا الصمود والنضال الأسطوري للشعب الفلسطيني إلى كيان استيطاني ناجح في قلب العالم العربي.
هذا الكيان الصهيوني هو مجرد كيان وظيفي من مخلفات وبقايا المشاريع الاستعمارية الغربية التي شهدتها المنطقة العربية في القرن الماضي، سينتهي بافتقاده لوظيفته وبعجزه عن فرض إرادته على الشعب الفلسطيني ومحيطه العربي والإسلامي..
يدرك قادة المشروع الصهيوني ومفكريه أن نهايته تقترب مع كل جولة من جولات الصراع، لذا يزداد غلاته تطرفاً وسفهاً وقمعاً وارهاباً، وهذا يعميهم عن رؤية حقيقتهم العدوانية وعن مصير كيانهم الفاشل، من هنا يأتي التسارع به في السير نحو الهاوية من خلال انقساماته وتمزقه وصولاً إلى نهايته.
فلا أحد عاقل في هذا المحيط العربي، ولا في العالم يقبل أن يستمر هذا الكيان في ممارسة صلفه وتطرفه وإرهابه، ومعاداته للحقيقة وللعقائد وللأخلاق وللقانون وللشرعية الإنسانية الدولية، فلابد أن تأتي ساعة الحقيقة وأن تأتي نهايته، التي سيواجهها كما واجهتها من قبله النظم العنصرية في جنوب أفريقيا في نهاية القرن الماضي، هنا ستتأكد حقيقة انتصار الشعب الفلسطيني على المخطط الاستعماري الصهيوني المرسوم له...!
انظروا اليوم إلى طبيعة المواجهات، وإلى تضحيات ونضالات أبناء فلسطين وشجاعتهم ورباطة جأشهم في مواجهة العدوان المتواصل في مختلف الأماكن والمدن والقرى والمخيمات، رغم ما يمتلك عدوهم من عدة وعتاد، بل انظروا إلى ابتساماتهم التي تعلو وجوههم وهم يواجهون عساكره أثناء اعتقالهم، وهم عزل من أي سلاح، سوى سلاح العدالة والإيمان بحقهم المشروع في وطنهم..
نعم لقد انتصر المبتسمون من الفلسطينيين على المدججين بالسلاح من جنود الكيان، وهنا يتجلى انتصار وقوة الحق على مواجهة الباطل..
هنا لا يملك العالم كله أمام هذه الثنائية، سوى أن ينحني احتراماً وتقديراً لهذا الشباب الفلسطيني المناضل والثائر والمنتفض ضد كل أشكال العدوان والاقتلاع والعنصرية والفاشية الصهيونية... التي تتضح صورتها وحقيقتها القبيحة للعالم يوماً بعد يوم، والمتعارضة مع نواميس البشرية جمعاء..
إنها تفرض على العالم أجمع أن يهب لنصرة الشعب الفلسطيني وتأييده، ليس بالبيانات والشجب والقلق والمطالبة بضبط النفس، إنما بالأفعال وبفرض العقوبات على الكيان الصهيوني والعمل على عزله ومحاصرته، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني من بطش قوات الاحتلال ومستوطنيه...
ويفرض على الجميع التخلي عن ازدواجية المعايير الدولية والكيل بمكيالين في التعاطي مع القضية الفلسطينية، كفى خمسة وسبعين عاماً من تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في وطنه...
حتى يتم انكفاء هذا الاحتلال ويتم ردعه وإذعانه للتسليم بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في العودة وتقرير المصير..
نعم سينتصر الشعب الفلسطيني، وسيهزم المخطط الاستعماري الصهيوني طال الزمن أم قصر..!
** **
Pcommety@hotmail.com