إيمان حمود الشمري
حتى ولو تغيرت الأحداث فإن موقف المملكة العربية لم يتغير، سياسة الدبلوماسية السعودية الحالية العميقة يرجع تاريخها إلى زمن بعيد، فهي امتداد لمسيرة سياسة حكيمة تسعى لتحقيق الاستقرار والأمن وبناء علاقات ودية مع الدول، بتعزيز مفهوم حسن الجوار بالتشارك والتشاور وتوسيع مضمون المصالح المشتركة، حيث كانت وما زالت المملكة تشكل أهمية سياسية وصوت عربي مسموع، ودولة لها وزن بين دول العالم، هذه الأهمية الكبرى والوزن السياسي الحساس الذي تحظى به المملكة جعل المسؤولية الكبرى على عاتقها، فهي تبذل أقصى الجهود في تقديم المساهمات، حتى أصبحت مركزاً لفض النزاعات وتحقيق الصلح والأخذ بيد الروابط العربية لمزيد من التماسك.
تسعى المملكة لخلق علاقات دولية من طراز جديد، بتعميق علاقتها بين الدول، واتخاذ القرارات والاجراءات التي تخدم المصلحة العامة، وتحقيق التوازن الدولي، وهذا ما كان واضحاً في الخطوات التي اتخذتها المملكة مؤخراً بدفع عملية السلام وعودة سوريا للحضن العربي وضبط العلاقات مع تركيا، وفتح صفحة جديدة مع الجانب الإيراني.
قمم رعتها المملكة تشاركت فيها المصالح العربية والعالمية، وكانت المنفعة المشتركة على قمة الهرم، فالدبلوماسية السعودية لا تلعب دور البطولة بتسيد الساحة بالقوة وإنما بالحكمة وبأخذ رد الفعل المناسب.
سيظل موقف المملكة حريصاً على دعم التكامل، وتوسيع شبكة الشراكات، وتجنب الصدامات والنزاعات، وحل الخلافات بالتفاهم لا بالاحتدام، ونبذ الانحياز وخطاب الكراهية، والانفتاح على العالم، وتقبل الطرف الآخر، والسيطرة على النزاعات بالتفكير بعقلية إيجاد الحلول لا الانتقام، هذا المفهوم الواسع للدبلوماسية السعودية والسياسة الحكيمة، يعتبر من أهم المفاتيح التي تعمل عليها سياسة المملكة، والتي ستحقق لها موقعاً استراتيجياً مهماً، وتجعلها أكثر اندماجاً مع دول الجوار، ومركزاً لالتقاء العالم، ونقطة انطلاق الحلول، لتتجاوز بذلك المستقبل وتفوق التوقعات.