د.ريماء بنت صالح الحمادي
تمثِّل المخدرات المحرمة شرعاً وقانوناً، السبب الأكثر فتكاً بالبشرية، وعلى الرغم من الجهود المبذولة من الدول والمنظمات الدولية في محاربة المخدرات إلا أنها لا تزال قضية الساعة التي لم تجد حلول جذرية للقضاء عليها.
وإذا أخذنا تجربة المملكة العربية السعودية في مكافحة المخدرات، يتجلّى لنا بوضوح اهتمام القيادة الرشيدة في محاولة حماية المجتمع من تلك السموم الخطيرة، حيث جندت مؤسساتها الحكومية للتصدي لتلك الآفة الخطيرة، وسنت التشريعات والأنظمة، والقوانين، وأصدرت قرارات قوية حازمة لمكافحة المخدرات، ومطاردة عصابات التهريب والمروجين والمتعاطين، لأن خطورة هذا الوباء الفتّاك يقضي على مستقبل أجيالنا، ويستهدف صحة الإنسان وجسد الاقتصاد، وضرب التنمية.
والدولة لم تقصر في فتح مؤسساتها الصحية لعلاج ممن ابتلوا بتعاطي تلك السموم الخطيرة، وذلك لتوفير مجتمع آمن يسوده الأمن والأمان، والراحة والطمأنينة، ورغد العيش.
وللمخدرات تأثير على صحة الإنسان، وبحكم التخصص سأركز على تأثير المخدرات بالنسبة للمرأة، حيث يشكل الإدمان خطورة شديدة على صحة الأم الحامل إضافة إلى تأثيره على صحة جنينها، وتعريضه للخطر، ونقص النمو داخل الرحم، كما قد يؤثر في صحته ومستقبله بعد الولادة، إذ إن الإدمان على الكوكايين والمخدرات التصنيعية يؤدي إلى مضاعفات صحية عديدة، منها تأثيره على الجهاز العصبي للأم والجنين معاً، مما يؤدي لحدوث، صداع، وارتفاع شديد في ضغط الدم، وما يتلو ذلك من انفصال في المشيمة، واحتمال وفاة الطفل داخل الرحم، كما أن المخدرات تؤدي أيضاً إلى نقص النشاط لدى المرأة الحامل وعدم اهتمامها بالأكل والتغذية، وبالتالي إصابة جنينها بنقص حاد في التغذية، ونقص نموه داخل الرحم، وهو تأثير يكون أشد في حالة الإدمان على مشتقات الأمفيتامين الذي يؤدي إلى انعدام الشهية لدى الأم، ويحدث أيضاً في الإدمان على المورفين الذي يؤدي إلى حدوث قيء شديد مستمر، مما يمنع الحامل من تناول الغذاء الكافي، كما أن توقف استمرار المخدرات الآتية عن طريق دم الأم بعد الولادة للطفل الوليد يؤدي لحالة تشابه حالة الحرمان عند الكبار مما يؤدي إلى تدهور في صحة المولود وتعطل في نشاط الأعضاء الحيوية في جسمه.
وحينما نتحدث عند المخدرات نرى من الأهمية بمكان أن نتناول مضار التدخين، حيث يزيد من الاحتمالات السلبية المؤثِّرة في صحة مواليد الأمهات المدخنات، وغالباً ما يلدن أطفالاً قليلي الوزن، إضافة إلى زيادة نسبة وفيات الولدان لديهن، ويعود السبب إلى تأثيرات وجود غاز أول أكسيد الكربون (CO) الذي يؤدي إلى نقص وظيفة الهيموغلوبين عند الحامل وجنينها، وعدم قدرته على نقل الأوكسجين الضروري للنمو عند الجنين، إضافة إلى حدوث انقباض في أوعية المشيمة بتأثير النيكوتين، كما أن نقص شهية الأم المدخنة أو المدمنة يؤدي إلى نقص في تناول الطعام الكافي لنمو طفلها، وبالتالي يُصاب الجنين بنقص النمو إضافة إلى ذلك لوحظ أن أطفال الحوامل المدخنات يحدث لديهم تأخر في القراءة والقدرة على الاستيعاب في المراحل الأولى من الدراسة.
وفي الختام لا بد من التوكيد على ضرورة تكثيف التوعية ضد الآفات الخطيرة منذ وقت مبكر، لأن ذلك بمثابة وقاية بدءاً من الأسرة والمدرسة وبقية مؤسسات المجتمع كل فيما يخصه، وكما قيل «الوقاية خير من العلاج».
حفظ الله بلادنا وشعبها من شر الأشرار وكيد الفجار.