سهوب بغدادي
لفتني مشهد في يوم الجمعة الموافق 12 مايو في جامعة جالوديت في الولايات المتحدة الأمريكية، وهي جامعة عريقة ومن أولى الصروح التعليمية التي تعنى بتعليم الصم وضعاف السمع بكافة الدرجات العلمية ومختلف التخصصات، الجدير بالذكر أن مملكتنا الحبيبة «مملكة الخير» تقوم بابتعاث الطلبة من ذوي الإعاقة السمعية لها، وتخرّج عدد كبير من السعوديين منها على مر السنوات الماضية عبر برامج الابتعاث الخارجي، وكان لعدد من أبناء وبنات الوطن يوم الجمعة الماضية الحظ الجميل للتخرّج منها بدرجة البكالوريوس وهم، آلاء المزيد، وخالد العبدالله، وزهرة الحماد، فهنيئًا لهم على هذا الإنجاز وتخطي الصعاب، إن اللغة واكتسابها يشكلان عائقًا كبيرًا أمام الصم وضعاف السمع خلال العملية التعليمية بلغتهم الأم، نعم، باعتبار أن لغة الإشارة لغة غير محكية وبها تراكيب وأطر مختلفة تمام الاختلاف عن اللغات المحكية وإن كانت لغة الشخص الأم، لأن أولى أدوات اكتساب اللغة منذ سنوات العمر المبكرة «السمع» من ثم الاعتماد على مخزون وافر من المصطلحات والتعابير لمحاكاتها والتعبير بها، لذا يجد ضعاف السمع والصم تحدياً في غاية الصعوبة في القراءة والكتابة لأن الحروف مختلفة عن الحروف التي يعرفها مسبقًا إشاريًا، وقد دعت الجهات المعنية والجمعيات والمؤسسات على مر الفترات الماضية إلى تعزيز الجانب اللغوي خاصة تقوية اللغة العربية لدى هذه الفئة، حيث يتبنى مجمع الملك سلمان للغة العربية مبادرات داعمة لتعلّم ضعاف السمع والصم للغة العربية وتمكينهم منها، فضلاً عن البرامج التي تُقام باستمرار في مؤسسة العنود على سبيل المثال، إن تخرّج أبنائنا الطلبة من جالوديت يعتبر إنجازًا لأن التعليم باللغة الإنجليزية، فكما يتحتم على الطالب المبتعث أن يتعلم ويجتاز متطلبات لغة دولة الابتعاث، إذن يتحتم كذلك على ضعاف السمع والصم اجتياز لغة الإشارة الأمريكية، فلكم أن تتخيلوا أن كل من آلاء، وخالد، وزهرة يتقنون على أقل تقدير أريع (4) لغات، وهي «اللغة العربية، ولغة الإشارة السعودية، واللغة الإنجليزية، ولغة الإشارة الإنجليزية» فلا تسعني الكلمات أو المقام والمقال بأن أوفيكم الشكر على اجتهادكم ونجاحكم، في سياق متصل، ذكرت أن الطلبة حالفهم الحظ، ولكن جميعنا نعرف أن العمل الدؤوب والنجاح لا يعتمد على عنصر الحظ، ما قصدته أنهم كانوا محظوظين بزيارة سفيرتنا في الولايات المتحدة الأمريكية سموالأميرة ريما بنت بندر آل سعود لهم في يوم تخرّجهم، فأتت لتضفي فرحة على فرحة وذكرى جميلة للطلبة، ودعم معنوي غير منقطع، وإن دل ذلك على شيء فيدل على تواضع شخصها وعنياتها بتفاصيل التفاصيل، فمهنة السفير لا تنحصر بين أروقة السياسة والدبلوماسية، بل تتشعب لتشمل النواحي الاجتماعية والثقافية وما إلى ذلك، وهنا، رأينا اهتمام سفيرتنا ليس فقط بمجتمع المبتعثين، بل بفئة غالية علينا منهم، فهنيئًا لنا بهذا النجاح وهنيئًا لنا بسفيرتنا.