د. زايد الحارثي
جاء في تقرير عن البي بي سي قبل حوالي سنتين أن أخطر تهديد يواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين هو ما سمي بالأمن المعرفي KNOWLEDGE SECURITY وهو ما أسماه البعض بانعكاس لسلامة الفكر والفهم ووعي الفرد بالعالم المحيط به وقد أشار التقرير إلى أن جزءاً من تفاقم أزمة الكورونا هو غياب المعرفة والسلوك المترتب عليها في كيفية الحماية والوقاية من الكورونا فإن كثيرا من الممارسات الاجتماعية والعادات المتزامنة معها مثل التقارب البدني ونقص أو غياب الاهتمام بالنظافة البدنية والبيئة المحيطة وعدم أخذ الاحتياطات الأزمة في توفير البيئة الصحية والبدنية المناسبة وتناول الأطعمة والأدوية التي تساعد على تقوية المناعة كل ذلك وغيره أدى إلى تفاقم الأزمة الصحية وزيادة الحالات المصابة وحالات الوفاة والحالات الحرجة وانعكس ذلك على تدخل الحكومات مباشرة في سن أنظمة للطوارئ وتسخير إمكانات الدولة المادية والبشرية لمواجهة الأزمة التي هي جزء من تعاظمها جهل الناس بالمعرفة الصحية لأنفسهم ولمن حولهم والجميع عاش تلك الأزمة التي لم يشهد لها العالم مثيلا في القرن الحالي.
وبكل أسف فلم يتعلم الكثير من أثر نقص المعرفة الضرورية على سلامتهم وأمن حياتهم وانتقلت سلبيات الظاهرة اليوم إلى ما يواجهه العالم اليوم من تحدٍ آخر وتهديد جديد يمس امن الناس وأمن أخلاقهم وقيمهم ومجتمعاتهم ألا وهو المخدرات الظاهرة القديمة الجديدة التي استفحلت اليوم وبأشكال جديدة وأنواع جديدة واستهدفت بعض المجتمعات بشكل خاص مثل المملكة العربية السعودية لأسباب متعددة منها الغيرة والحسد بتهريب المواد المخدرة وترويجها والمتاجرة بها ومنها الرغبة في تدمير الشباب وتعطيل التنمية فظهر ما يسمي بالشبو. وهو مخدر متجدد يمكن صناعته محليا ويشكل خطورة كبيرة لعدم تمييزه ومعرفة آثاره من قبل الكثير بل سهولة تعاطيه بأشكاله الخداعة وهذا يندرج بلاشك ضمن غياب أو ضعف المعرفة لمثل هذه الآفات وما ترتب ويترتب عليها من تهديد مباشر لأمنهم وأمن المجتمعات وخطورتها وهنا تتأكد وتثبت نظريه التقرير المشار إليه أعلاه من أن غياب المعرفة أو ضعفها والإحساس بالمسؤولية الشخصية والوطنية والإنسانية يؤدي إلى فقدان الأمن الشخصي والوطني.
وهكذا فإن هناك حاجة ماسة وأولوية على كافة المستويات للبحث عن مكامن الاحتياج لتعزيز الأمن المعرفي للوقاية من الأزمات والظواهر والمشكلات المختلفة وعلى رأسها قضية المخدرات التي تعد أس الكثير من المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والأخلاقية.