دهام بن عواد الدهام
تدور الرحى وتتقلب الرياح وتتغير الألوان ويبقى العرب في قلب الرياض بتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان تستضيف المملكة القمة العربية في 19 مايو الجاري يقود سفينة هذا الحراك سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سلمه الله الذي تحدث ذات يوم فقال:
«أنا أعتقد أن أوروبا الجديدة هي الشرق الأوسط، إذا نجحنا في الخمس سنوات القادمة ستلحق بنا دول أكثر وسوف تكون اللحظة القادمة في العالم في الشرق الأوسط، هذه حرب السعوديين، هذه حربي شخصيا) هذه هي رسالة الأهداف السامية التي خطها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان سلمه الله برعاية وتوجيهات من خادم الحرمين الشريفين حفظهما الله منطلقاً وهدفاً سعودياً لأي تحركات إقليمية وعربية.
19 مايو الجاري قمة عربية تحتضنها جدة بالمملكة، تأتي هذه القمة في أوضاع عربية (للأسف ليست وليدة) لكنها تضرب بالجسد العربي مضارب قاتله ويدور حول هذا الوطن العربي تحديات إقليمية ودولية، السودان هذا بلد الطيبين الجميل سلة الغذاء مجمع الأستاذة والمفكرين والشعراء والأطباء البلد الذي يتباهى بتصدير العقول النيرة والأرض المعطاءة مع وفرة مياه ويد عاملة يفشل في نظام حكمة ويحتكم إلى السلاح. السودان ومنذ الاستقلال فقد بوصلة الاتجاه لإدارة مدنية للبلاد بما يتوازى مع مقوماتها الذاتية الاقتصادية والبشرية، لم تكن فترات الاستكانة في عهود سابقة كي تضع مصلحة السودان فوق كل مصلحه بل ان نتاج تلك المحاصصات العسكرية اليوم هو قتال مسلح بين أطراف النظام ومجموعات خلقها النظام نفسه من تشكيلات عسكرية وتكتلات قبيلة بل تنظيمات سياسية داخل المنظومة العسكرية مما أنجب (كيان) عسكري آخر يصارع قوات الدولة. كل ما يدور هناك في السودان هو ألم لكل محب للسودان، تخطو للإمام خطوه و للخلف خطوات، رفاق الأمس أعداء اليوم والخاسر هو السودان إمكاناته ومادياته وشعبة بل يفتح هذا الصراع الأبواب مشرعه لمزيد من انغماس الخارج في شئونه ووفق لمصلح هذا الخارج الذي وجد ضالته بطرف من طرفي النزاع كل ذلك في غياب الحكمة السودانية. الاتفاق الإطاري فشل بالوصول إلى حل وهدنة هشة اشبه ما تكون لالتقاط الأنفاس وإعادة التنظيم والتموضع وتبدو التحركات أكثر تفاؤلا من محبي السودان لكن داخل أطراف الصراع وفي جانب منها دعمها الخارجي تضع الأمور في طريق مسدود، يتفاءل السودانيون بدور المملكة أكثر عمقا وحرصا بنهاية النزاع لصالح استقرار وهدوء البلاد وعودة شعبة إلى الأمان بعد نزوح ألوف من المواطنين من ديارة ومثلهم فروا بحياتهم إلى خارج البلاد وما خلف ذلك من مآس إنسانية ومما يعجل بتمكن وصول المساعدات إلى محتاجيها من الشعب السوداني، تدور التحركات حاليا تحت رعاية قبل القمة العربية المنتظرة وكلاعب إقليمي أساسي «وحيد» موثوق إلى جانب دعم الشريك الولايات المتحدة الأمريكية اللاعب الدولي الأكثر تأثيرا في الوضع السوداني، ولعلي بقيادة المملكة (وفي رأيي الشخصي) أدركت ما يمكن ان يكون دوراً إقليمياً سلبياً لبعض الأطراف مما اوجد العامل الأهم في العمل مع الولايات المتحدة الأمريكية واستضافة ورعاية محادثات مباشرة بين طرفي النزاع. بوادر هذه الرعاية صدور بيان مشترك منطرفي النزاع القوات المسلحة وقوات الدعم السريع (إعلان جدة وكالة الأنباء السعودية الجمعة 22 شوال 1444هـ) يتمحور حول الالتزام بحماية المدنيين التزاما أساسيا بموجب القانون الدولي الإنساني لتيسير العمل الإنساني من اجل تلبية احتياجات المدنيين وما تضمنه البيان من بنود تأسس لتجنب المدنيين ويلات هذا النزاع وما نتج عنه من تهجير وهجرة وما تضمنه الإعلان من الالتزام بإعطاء الأولوية للمناقشات بهدف تحقيق وقف اطلاق نار قصير المدى، لتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية واستعادة الخدمات الأساسية والتزام بجدولة المناقشات الموسعة اللاحقة لتحقيق وقف دائم للأعمال العدائية.
وما أعقب هذا البيان بيان للمملكة والولايات المتحدة الأمريكية حول بيان الأطراف السودانية ولعل في هذا البيان ما يؤسس إلى نهاية هذا النزاع والذي لم يكن هذا الهم سودانيا فقط بل استشعار سعودي ان هذا الصراع لن يلتهم السودان ومقدراته فقط بل اثارة السلبية على وحدة السودان وعلى الجوار والمحيط العربي وتسهيل تدخلات قوى إقليمية ودولية بحثا عن مصالحها والتي من أهم أهدافها هو اضعاف الصف العربي وبالتالي احكام مصالحهم في السودان ودول الجوار ومن هذا المنطلق صدر أمر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله بفتح باب تبرعات المواطنين لإخواننا في السودان من خلال منصة «ساهم» لجمع التبرعات استشعارا من مقامه الكريم من المعاناة التي افرزها هذا النزاع على المواطن السوداني.
ويأتي الاهتمام الآخر في الجسد العربي هو الصراع في سوريا ويتضح من تحركات المملكة في هذا الاتجاه ولقاء مسئولين من البلدين ومن خلال إعادة فتح البعثة الدبلوماسية السعودية في دمشق وإعادة العمل القنصلي بين البلدين في خدمة المواطن السوري اتساقا مع قرار الجامعة العربية باستئناف مشاركة وفود الحكومة السورية في اجتماعات مجلس الجامعة العربية وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها اعتبارا من 7 مايو، توج هذا التوجه العربي دعوة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان حفظة الله للرئيس السوري للمشاركة في القمة العربية في جدة 19 مايو الحالي. لربما ان مشاركة سوريا في هذه القمة العربية ستسمع لصوت العقل العربي متمثلا بقيادة المملكة هدفا أولويا لإعادة الاستقرار إلى سوريا، خاصة وان الخطوات الدبلوماسية في الآونة الأخيرة للملكة إقليميا ودوليا والحكمة التي تغلف هذه التوجهات أرضية يمكن أن يبنى عليها حلحلت كثير من بؤر الصراع المفتعلة داخل الوطن العربي لصالح أطراف خارجية وتعيد القوة والمنعة لهذا الوطن إقليميا ودوليا. وفق الله قيادتنا لما فيه من خير للوطن واستقرار وأمان البلاد العربية.
** **
- الرياض