محافظة وادي الدواسر واحدة من أكبر محافظات منطقة الرياض من حيث المساحة والسكان، وتقع جنوب العاصمة بنحو 650 كيلومتراً، وتبلغ مساحتها 48900 كلم2، ويزيد عدد سكانها عن 180000 نسمة.
ويُشكِّل موقعها الجغرافي أهميته كبيرة في خريطة جزيرتنا العربية، فهي تربط منطقة الرياض بثلاث مناطق إدارية أخرى، هي منطقة عسير ومنطقة مكة المكرمة ومنطقة نجران، تنمو لتأخذ وضعها اللائق بها في بلادنا، فهي كبيرة بتاريخها وأصالتها وشموخها.
سمِّيت بالوادي؛ كونه أحد الأودية الجارية في الجزيرة العربية قديماً، ونسب إلى أهله وسكانه أبناء قبيلة الدواسر، وأول ما يخطر ببال من يسمع بوادي الدواسر ولم يره يظنه وادياً بين جبلين تشقه السيول كما هو في تعريف الوادي جغرافياً، بينما الواقع هو خلاف ذلك تماماً، فهو أرض منبسطة تحفه الرمال الذهبية، وتحيط به المزارع الخضراء والمناطق الرعوية من جميع الجهات في لوحة مطرزة بأجمل مكونات الطبيعة.
ومحافظة وادي الدواسر غنية بالآثار؛ لكثرة الممالك والحضارات القديمة التي استوطنت به على مر العصور والأزمان، كقرية الفاو الأثرية التي تبعد عن مقر المحافظة حوالي 100 كيلومتر تقريباً من الجهة الجنوبية الشرقية وتقع على الطريق التجاري الذي يربط جنوب الجزيرة العربية وشمالها الشرقي حيث كانت تبدأ القوافل من مملكة سبأ ومعين وقتبان وحضرموت وحمير متجهة إلى نجران ومنها إلى قرية ومنها إلى الأفلاج فاليمامة ثم تتجه شرقاً إلى الخليج وشمالاً إلى وادي الرافدين وبلاد الشام، وتُحدثنا قرية الفاو عن تلك الحضارة العريقة لمملكة «كندة»، التي تعود إلى ما قبل ميلاد المسيح عليه السلام بثلاثمائة عام أو يزيد.
كما يوجد بالمحافظة عديد من المواقع الأثرية ومنها قرية «الجو» شمال المحافظة، وقصر «الملك عبدالعزيز التاريخي»، وقصر «بهجة»، وقصر «الخويري»، وقصر «سلام»، وقصر «القهوة»، التي لا تزال جميعها صامدة ومقاومة لجميع عوامل الطبيعة.
بالإضافة إلى قصر «ربيع بن زيد»، ويعود تاريخ هذا القصر إلى حكم الدولة السعودية الأولى، وينسب إلى الداعية المعروف الشيخ ربيع بن زيد المخاريم القائم على دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب في عهده.
وبقي الاعتزاز بهذه المحافظة وما فيها من آثار في فكر وقلب كل منتمٍ لهذه المحافظة، مثلما قلتُ شعراً:
وهل مثله في الحُسْنِ شيءٌ يُصَوّر
سلوا حقبَ التاريخِ عنه وخبِّرُوا
تجبْكم مرايا فجرِها عن جلالِه
بما ليس يدري ما يعيه التصوّر
من الصفحات البيض موفورة السَّنا
تضوع «بوادينا» بهاءً وتزهر
سليلُ الغيوم البكْرِ تختالُ فوقه
وتسخو عليه وحدهُ حينَ تُمْطِرُ
على ضفتيهِ للتآخِي حكايةٌ
بها ذاهلاً أمسى الزمانُ يفكِّر
مآثرِهُ نقشٌ على كلِّ خافقٍ
كما نقشتْ تأريخه الفذ أعصرُ
أصالةُ ماضٍ كُحْلُهَا شمس حاضرٍ
وحكمة أجدادٍ وجيلٌ يؤزِّر
وحظيت محافظة وادي الدواسر من بداية التاريخ بالذكر، حيث تم تدوين اسمها بعد اكتشاف الأحرف، ولم تخلُ الدراسات والمدونات التي قام بها المؤرّخون والرحّالة والمبعوثون والمستكشفون من ذكر محافظة وادي الدواسر.
وكم أعتزّ شخصيّاً بهذه الناحية من الأرض، حيث تُحدّث التاريخ عن نفسها في الكرم والضيافة والجود وحسن الاستقبال للضيف، وقد قلتُ شعراً:
سلامٌ على «الوادي» على طيب أهله
على كل حيٍ فيه بالحُبِّ يكبرُ
سلامٌ على «الوادي» هوىً في ضلوعنا
على «عرضةٍ» في ساحة الروح تُبْهِرُ
يسافرُ شعري في مدى ليس ينتهي
من العشق والتحنانِ في القلب يهدرُ
فمن زارَ وادينا جنى من ثماره
فكيف بمَنْ مِنْ سحرهِ قد تعفَّروا
وعاشوا به أعمارَهم تحت جُنحهِ
ومن غيمةٍ في جيبهِ قد تعطَّروا
أحاول تفسير الهوى غير أنني
«أفسر ماذا؟ والهوى لا يفسَّرُ»