خالد بن حمد المالك
انتهت الجولة الأولى من الانتخابات التركية دون أن يحصل أي من الرئيس أو المعارض على 50+1 وبالتالي أصبح عليهما حكماً الذهاب إلى جولة ثانية لمعرفة من سيكون رئيساً للدولة التركية في السنوات القادمة، حيث انحصر حق الترشح للجولة الثانية من بين المتنافسين الأربعة في الرئيس أوردوغان ومرشح المعارضة كمال أوغلو، رغم تقدم أوردغان بالأصوات على منافسه، لكن تقدمه لا يؤهله للرئاسة، كونه لم يحصل على النسبة المطلوبة.
* *
كانت المنافسة شديدة و»دراماتيكية»: فقد بدأت بتفوق كبير وسريع لأوردوغان، ما لبث أن تقلص الفارق ليبدأ التصويت لصالح أوغلو، إلى أن أصبحت أصوات الرئيس أوردوغان لا تؤهله للاستمرار رئيساً لتركيا بعد نتائج الجولة الأولى حيث حصل على 49.51 % وبالتالي عليه أن يدخل المنافسة الشرسة في جولة ثانية، مع اقتصار منافسته على مرشح المعارضة كمال أوغلو الذي حصل على 44.88 % وكلٌّ منهما أكد على أنه سيفوز في الجولة الثانية، وأن المسألة مسألة وقت ليس إلا.
* *
النتائج أظهرت تراجع شعبية أوردوغان، وصعود نجم مرشح المعارضة، وإن كان الرئيس التركي قد تفوّق على منافسه بأكثر من مليوني صوت، لكنه تفوّق قد يتغير في الجولة الثانية مع خروج المرشح الثالث سنان أوغان من المنافسة بعد أن حصل على 5.2 % من الأصوات، حيث ستكون أصوات حزبه مؤثرة فيما لو اتجهت لأيٍّ من المتنافسين، غير أن المرشح الثالث سارع إلى القول مع خروجه من حلبة المنافسة بأنه لن يصوّت لأيٍّ من الطرفين، وأنه سيكون على الحياد، قبل أن يتراجع ويضع شروطه لإعطاء أصوات حزبه لأي منهما، بمعنى أن المنافسة إذا ما سارت كما كانت عليه في الجولة الأولى، ولم يستجد عليها ما يؤثر على مسارها، فإن التجديد للرئيس التركي هو الأقرب، لكن لعبة الانتخابات، وما يجري في الغرف المقفلة من تفاهمات ربما تغيِّر المشهد، وتدفع بمرشح المعارضة إلى الفوز، وتحديداً فيما لو اقتنع المرشح الثالث السيد أوغان الذي خرج من السباق في إعطاء أصوات مرشحيه للمرشح الثاني، لكن هذا مشروط بأن يتخلَّى أوغلو عن الأكراد، ويخلي البلاد من السوريين.
* *
الأيام التي تسبق بدء الجولة الثانية ستكون أياماً صعبة على المتنافسين، ويحتاج كلٌّ منهما إلى أصوات إضافية لضمان كسب السباق، وأكثر ما يحتاجانه هي أصوات المرشح الثالث التي لن تتحقق لأي من المتنافسين إلا بقبول أي منهما لإملاءات أوغان، مع تغيير بعض المصوتين مواقفهم من هذا المرشح إلى المرشح الآخر ضمن لعبة الانتخابات، التي تعتمد على الكفاءة وقوة الإقناع في استقطاب هؤلاء، وكذلك كسب أصوات المحايدين أو المترددين لضمان التفوق، بعد أن أصبحت الأوراق مكشوفة.
* *
يلاحظ الإقبال الكبير وغير المسبوق للتصويت، فقد توجه أكثر من عشرين مليون ناخب إلى صناديق الاقتراع، مع دخول أكثر من خمسة ملايين ناخب جدد ولأول مرة من فئة الشباب، صاحب ذلك قوة المنافسة بين المترشحين، وحسن التنظيم, وسرعة ظهور النتائج، كما يلاحظ خلو الانتخابات من أي اختراقات مؤثرة، بحسب التقارير الرسمية، وإن كانت المعارضة تأخذ على وكالة الأنباء التركية الرسمية توزيعها بيانات غير دقيقة عن النتائج، وأنها تخدم بها حزب الرئيس التركي، مع أن ما يصدر عن الوكالة هي معلومات بعد إقفال صناديق الانتخابات، بمعنى أنه لا تأثير لها على حق المتنافسين بالحصول على الأصوات المستحقة لهم، المهم أن الانتخابات لم يحدث فيها ما يعكر التنظيم، ربما لأن أكثر من 600 ألف رجل أمن فُرّغوا لهذه المهمة، بما جعل الانتخابات تسير أمنياً بشكل لافت.
* *
هي أيام وتحديداً في 28/ 5 وسنعرف من سيكون الرئيس لتركيا في السنوات الخمس القادمة، هل سيكون أوردوغان رئيساً للسنوات القادمة بعد أن أمضى عشرين عاماً في كرسي الرئاسة، والتجديد له كآخر مرة في وقت أظهرت الانتخابات النيابية عن فوز حزبه بأغلبية الأصوات في مجلس النواب، مما يجعله يطلق يده في أخذ المواقف التي يراها داخلياً وخارجياً، دون أن تجد قراراته من يعارضها، أم أن كمال أوغلو سيكون الرئيس القادم بسياسة جديدة، وتحالفات دولية غير تلك التي بناها أوردوغان، وتحسين الوضع الاقتصادي والبطالة، وعلاقات تركيا المتأزمة مع كثير من الدول، لنرى وننتظر؟!