د. فهد بن أحمد النغيمش
جامعاتنا تقودها عقول نيرة وواعية وعلى قدر كبير من الكفاءة العلمية والبحثية، وحالياً المنطق الذي تقوم عليه فلسفة تطوير أداء أغلب الجامعات هو أن البقاء للأقوى علمياً وبحثياً ومن تسعى لتلبية حاجات المجتمع وخدمته حيث أصبحت معظم الجامعات السعودية اليوم تواجه تحدياً داخلياً يتمثل في قدرتها على تحقيق متطلبات رؤية 2030 والتي باتت حلماً لمستقبل زاهر ونقلة نوعية غير عادية للمملكة العربية السعودية، حيث جاء من بين أهدافها فيما يخص نظام الجامعات الجديد الحث على الاستثمار في التعليم والتدريب وتزويد الشباب بالمعارف والمهارات اللازمة لوظائف المستقبل وهذا مما يجعل المسؤولية تتضاعف والجهود تتضافر لتحقيق الرؤية كما خُطط لها في ظل المدة الزمنية المحددة لها، أضف إلى ذلك أن الجامعات السعودية اليوم تواجه كذلك تحدياً من نوع آخر وهو تحدٍّ عالمي في ظل تداعيات العولمة وتزايد حدة التنافسية بين الجامعات العالمية وسباقها المسعور لمواكبة التطورات السريعة والمتزايدة فأصبحت جامعات العالم مطالبة بأن تكون أكثر تطوراً وتنافسياً في سوق التعليم المحلى والإقليمي والعالمي. وذلك يعني أنها مطالبة بتحقيق المتطلبات العالمية لتلحق بركب التطور المتسارع للجامعات، و لذلك لم يعد التميز المؤسسي خياراً مرناً أمام الجامعات، بل أصبح قراراً استراتيجياً تسعى إليه جميع الجامعات بلا استثناء مهما كان اسمها أو تخصصها أو حتى مكانها من خلال تحقيق القدرة التنافسية لمؤسسات التعليم الجامعي مما يساعدها على الوصول إلى مستوى عالٍ من الكفاءة تستطيع من خلاله تلبية حاجات الأفراد ومتطلباتهم في عصر يتسم بالتغير في مختلف المجالات.
اليوم وزارة التعليم ومجلس شؤون الجامعات للجامعات السعودية منحت الجامعات مدة زمنية محددة لإعادة هيكلة الأقسام والكليات والعمادات التي ستدمج أو تغلق. ومنحت الوزارة كل جامعة الفرصة حتى يكون لها الخيار في إغلاق الأقسام أو الكليات التي لا تحتاجها أو لا ترى جدواها لسوق العمل، كما منحت الوزارة لنفسها تحديد مصير الأقسام والكليات والتخصصات وعلى كل جامعة أن ترفع تصورها الكامل لإعادة هيكلتها من منظور حديث وحيوي يراعى فيه التطور الهائل في سوق العمل ومتطلباته، وهذا يعني أن هناك أقساماً أو عمادات أو كليات قد تضمحل أو تسير إلى الزوال, والسؤال الذي يطرح نفسه في الغالب: هل عملية بهذا الكم والحجم والكيفية يمكن أن تقوم بها الجامعة في مهلة زمنية قصيرة؟ وما هو مصير الأقسام المغلقة على مستوى الأعضاء المتخصصين؟ وهل هناك دراسات مستقبلية علمية واضحة لمتطلبات سوق العمل؟ وهل الوقت كافٍ لاستحداث كليات وأقسام؟ وهل من السهولة بمكان القيام بتلكم المهام خاصة أنك تتعامل مع حزمة متعددة وواسعة من الإجراءات سواء كانت إلغاءً أو إنشاءً أو تعديل مسميات؟ إذ القضية ليست استحداث أو إغلاق لمؤسسة ربحية أو تجارية بقدر ما هو إعادة صياغة بالكامل لمنظومة علمية متكاملة بدءاً من إعادة تأهيل أعضاء هيئة التدريس ووضع تصور مبدئي لبناء الرؤية والرسالة وعمل التوصيفات والأهداف العامة للمقررات ومراجعتها وتطبيقاتها.
أسئلة كثيرة تضع صناع القرار في الإدارات العليا ومهندسي التخطيط في الجامعات أمام أكثر من تحدٍّ وأكثر من علامة استفهام عديدة وتحديات كبيرة على المدى الطويل وفي النهاية سينجح في تلكم التحديات والصعاب الجامعات التي تدرس قراراتها قبل اتخاذها بتأنٍّ ورؤية دون تحيز لتخصص معين أو مصلحة ما ويبقى (البقاء للأفضل والأقوى) هو شعار رؤية 2030 نحو الجامعات والأيام حبلى بالمفاجآت والمنافسات حول نظام الجامعات السعودية.