«الجزيرة» - الاقتصاد:
تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود - حفظه الله -، أطلقت مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، اجتماعاتها السنوية 2023 بجدة تحت عنوان «إقامة الشراكات درءاً للأزمات»، بحضور صاحب السمو الملكي الأمير تركي بن فيصل بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، ومعالي وزير المالية الأستاذ محمد بن عبدالله الجدعان، ومعالي أمين منظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه، ومعالي وزير الدولة المكلَّف بالاقتصاد والمالية بجمهورية بنين، رئيس مجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية رُوموالد وادانْيِي، ووزراء 57 دولة عضو بالمجموعة، وكبار المسئولين الحكوميين، ورؤساء المنظمات الدولية، وممثلين من القطاع الخاص.
وفي بداية حفل الافتتاح، عُزف السلام الملكي، ثم شاهد الحضور عرضاً يحكي مسيرة البنك الإسلامي خلال 5 عقود وحجم الدعم للبلدان الأعضاء. وأكد رئيس مجلس محافظي البنك الإسلامي للتنمية خلال كلمته، على حشد البنك الإسلامي للتنمية للموارد الضرورية والتعامل مع الأمن الغذائي لما يزيد عن 10 مليارات، والالتزام مع أزمة المناخ لما لا يقل عن 24 مليار بحلول 2030، مؤكداً سعي البنك إلى عقد الشراكات لجلب الثقة التنموية في الدول الأعضاء، وتعزيز النمو المستدام على المدى البعيد في الدول الأعضاء، والتنويع للقدرة على الصمود ومواجهة التحديات واعتماد مناهج استراتيجية فعالة تتميز بالكفاءة، واطلاق إصلاحات هيكلية شاملة ومستدامة، وتقديم الاستثمار الذكي الذي يؤدي إلى الصمود وتقلل التأثيرات المناخية.
وأوضح، أن هذا الاجتماع ينعقد على خلفية معدلات تضخم غير مسبوقة، وسياسات نقدية مشددة، وتباطؤ الاقتصاد العالمي، واضطرابات سلاسل التوريد، وأحداث جيوسياسية تهدد الأمن الغذائي وسبل العيش والمكاسب التنموية التي تحققت حتى الآن، مشيراً إلى أن فيروس (كورونا - 19) دفع كثيرًا في الدول الأعضاء إلى حافة الفقر وتركهم في ظروف معيشية هشة، إذ تسبب ارتفاع أسعار النفط والأسمدة والمواد الغذائية في تعطيل سلاسل التوريد العالمية وزيادة مستوى الأسعار بشكل عام في جميع أنحاء العالم، مما أثر بشكل غير متناسب على سبل عيش أشد الفئات فقرًا في المجتمع العالمي.
وبين وادانْيِي، أنه في ظل هذه الخلفية، تكتسي مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، بصفتها المؤسسة الرئيسية لتمويل التنمية في الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، أهمية متزايدة بالنظر إلى الدور الذي يمكن أن تضطلع به في تحقيق نمو يتسم بالاستدامة والمرونة والشمولية، وفي مواجهة التحديات العالمية بما في ذلك ارتفاع أسعار الطاقة وانعدام الأمن الغذائي وتغير المناخ، عاداً الاجتماع فرصة مواتية جدًا لتقييم أداء اقتصادات الدول الأعضاء في الآونة الأخيرة، لافتاً إلى أن اقتصادات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي استمرت في التعافي، وذلك في ضوء ما سجله الناتج المحلي الإجمالي لتلك البلدان مجتمعة من زيادة مطردة، حيث انتقل من 7.2 تريليون دولار أمريكي في عام 2020 إلى 8.5 تريليون دولار أمريكي في عام 2021، كما ارتفع متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي من 3874 دولارًا أمريكيًا في عام 2020 إلى 4582 دولارًا أمريكيًا في عام 2021. وأضاف «مما لا شك فيه أن التركيز المتجدد للبنك الإسلامي للتنمية على مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وأنشطة التنمية البشرية المتصلة بالمجتمع، وإعطاء الأولوية للزراعة والأمن الغذائي، وتطوير قطاعات المياه والمدن والنقل، فضلاً عن معالجة التحديات ذات الصلة بتغير المناخ هي مجالات تتقاطع فيها سياسات البنك مع سياسات المؤسسات الرئيسية لمنظمة التعاون الإسلامي».
وأفاد أنه في العام الماضي، تعاونت مختلف مؤسسات المنظمة بشكل فعال في بلورة العديد من برامج بناء القدرات في مجالي التجارة والاستثمار، لا سيما في مجالات ائتمان الصادرات، وإحصاءات التجارة، وأنماط «النافذة الوحيدة» والاستثمار والمنتجات الحلال، آملاً أن تفضي هذه الجهود المشتركة إلى بلوغ الهدف المتمثل في تحقيق نسبة 25 في المائة من التجارة الإسلامية البينية بحلول عام 2025، مع الأخذ في الاعتبار أن حجم التجارة الإسلامية البينية قد استمر في الارتفاع، منتقلًا من 18.6 في المائة في عام 2016 إلى 19.72 في المائة في عام 2022.
وأشار إلى تعاون الأمانة العامة للمنظمة والبنك الإسلامي للتنمية بشكل فعال في إيجاد بيئة مواتية لزيادة الاستثمار في بلدان منظمة التعاون الإسلامي، حيث يجري بذل جهود مستمرة لوضع اللمسات الأخيرة على البروتوكول الذي سيسهّل إنشاء آلية دائمة لمنظمة التعاون الإسلامي لتسوية منازعات الاستثمار في إطار اتفاقية منظمة التعاون الإسلامي الحالية لتعزيز وحماية وضمان الاستثمارات، مبيناً أن المساعدة التي يقدمها البنك تشمل ما هو أكثر من الموارد المالية بكثير، فالبنك يدعم التغييرات التحويلية، ويعزز الابتكار، ويضع نُهَجًا جديدة، ويعزز موارد التنمية من خلال المنتجات المالية المبتكرة. وتابع قائلاً: يشكل دعم البنك الإسلامي للتنمية عنصرًا مهمًا في سياق تنفيذ مشروع منظمة التعاون الإسلامي الخاص بخط سكة الحديد الرابطة بين دكار وبورتسودان وغيره من المشاريع المماثلة التي تتيح فرصًا جديدة واسعة للتنمية الاقتصادية، فضلاً عن كونها وسيلة مهمة لتعزيز الترابط بين دولنا الأعضاء على مستوى المنطقة». عقب ذلك القى معالي وزير المالية محمد الجدعان كلمة نقل خلالها تحيات وترحيب خادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - بالحضور في بلدهم الثاني للمشاركة في الاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية 2023، الذي تستضيفه المملكة تحت رعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين.
وأكد معاليه، حرص المملكة على تحقيق التفاضل وعدم الفرقة، ودعم الأعمال التنموية والإنسانية عالمياً وإقليمياً ودعم المؤسسات التنموية الإسلامية ومن أبرزها مجموعة البنك الإسلامي للتنمية، مشيراً إلى أن الاجتماع يأتي في ظل تحديات متلاحقة تماثلها فرص متعددة، مفيداً أنه من الحكمة تعزيز الشراكة والتعاون للتصدي للتحديات واغتنام الفرص والارتقاء بالشراكات والتعاون إلى آفاق أرحب والدفع بهما إلى مستوى أعلى بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الجهود التنموية للتعاطي مع تحديات العصر الجديد. وقال معاليه «في ظل الأزمات العالمية المتوالية فأن هذه المرحلة تتطلب تضافر الجهود والمزيد من التنسيق بين الدول لتحقيق الأهداف التنموية بما في ذلك تمكين شباب العالم الإسلامي للمشاركة في المسيرة التنموية وتهيئة الفرص المناسبة للتطوير والإبداع على كافة الأصعدة والمستويات وخلق بيئة محفزة للإبداع، ومن الواجب علينا جميعا التكاتف وتعزيز الشراكات لتحقيق التعاون والسعي قدماَ في خطوات واثقة لصنع هذه البيئة البناءة لنرى أبناءنا يقودون أعمال ريادية لدفع عجلة التنمية نحو حياة كريمة واقتصاد مستدام».
ونوه الجدعان إلى أن المملكة دأبت إلى اطلاق العديد من المبادرات الدولية والإقليمية الهادفة لمواجهة التحديات التنموية ومنها قيادة المملكة للعديد من المبادرات الدولية على مستوى دول الـ20 ودول مجلس التعاون ومجموعة التنسيق العربية والمؤسسات الإقليمية والدولية التي تهدف إلى دعم التعافي الاقتصادي ومواجهة التحديات التنموية بما في ذلك التحديات المتعلقة بتعزيز الأمن الغذائي ومعالجة الديون للدول المحتاجة. وأعلن معاليه في ختام كلمته عن استضافة المملكة العربية السعودية لاحتفالية اليوبيل الذهبي بمناسبة مرور 50 عاماً على إنشاء البنك الإسلامي للتنمية والتي ستقام بمدينة الرياض العام القادم، متطلعاً إلى مشاركة أصحاب المعالي محافظي البنك الإسلامي للتنمية في هذا الحدث التاريخي المهم للتأكيد على جهود البنك في مجال التنمية الدولية ومراجعة الإنجازات والتحديات ووضع الأسس للتوجهات المستقبلية.
بعدها قدم معالي رئيس مجموعة البنك الإسلامي للتنمية الدكتور محمد الجاسر، شكره وتقديره لخادم الحرمين الشريفين - أيده الله - على رعايته الكريمة للاجتماعات السنوية لمجموعة البنك الإسلامي للتنمية، ولسمو ولي عهده الأمين، على ما حظي به جميعُ المشاركين من ترحيب وكرم ضيافة، وعلى كل ما قُدِّم للبنك من تسهيلات لتمكينه من عقد هذه الاجتماعات السنوية في أفضل الظروف، موضحاً أن المملكة وعلى مدى 5 عقود تدعم البنك الإسلامي للتنمية دعماً ثابتاً، وهي التي احتضنته منذ نشأته، فقد تبنّت فكرة إنشاء البنك وكانت أبرز بلد مؤسس له في سنة 1975، الأمر الذي يجسد دورها الرائد في تطوير الاقتصاد الإسلامي.
وأشار معاليه إلى أن البنك واجه خلال العام 2023 تحديات فرضتها البيئة الخارجية والداخلية على حد سواء، فعلى سبيل المثال كان للازمات العالمية المتفاقمة خلال السنتين الماضيتين أثر كبير أدى إلى انخفاض ملحوظ في حجم التجارة العالمية وتعطل العديد من سلاسل التوريد العالمية.
وأضاف «إضافة إلى ذلك فإن التوجه العالمي نجو تشديد السياسة النقدية من أجل مكافحة التضخم جعل الاقتراض من الأسواق المالية التقليدية باهظ التكلفة على البلدان الأعضاء، وقد أطلقت مجموعة البنك عدداً من المبادرات الطموحة منها البرنامج الخاص بمعالجة آثار الجائحة بمبلغ 4,3 مليار دولار، وبرنامج الاستجابة للأمن الغذائي بقيمة تفوق 10 مليارات دولار خلال الثلاث سنوات المقبلة، إضافة إلى المساهمة في تمويل المناخ بمبلغ لا يقل عن 13 مليار دولار حتى سنة 2030، مستعرضاً بعض الإنجازات المبكرة التي حققها البنك خلال 2023 ، للاستراتيجية المواءمة التي أقرها المحافظون في الاجتماعات السنوية الأخيرة التي عقدت في مصر، ومنذ ذلك الحين التزم البنك التزاماً تاماً بالاستعداد للتنفيذ الناجح لهذه الاستراتيجية.