د. معراج أحمد معراج الندوي
الأدب تعبير عن الحياة والشعور والوجدان والأفكار والتصورات والقيم والمبادئ، والنقد هو تقويم الأدب وتوجيهه فنياً وجمالياً وفكرياً وخلقياً نحو التطور والبناء وأداء الغاية المنشودة منه في الحياة، وكما أن الأدب لا يمكن تجريده من القيم والمثل والمبادئ التي يؤمن بها الأديب سواء كان هذا الأدب إسلامياً أو غير ذلك من الآداب العالمية، والنقد لا يمكن تجريده من القيم أو الأخلاق العملية، حيث إن القيم الروحية والأخلاقية يحتاجها الأدب الجاد كما يحتاجها النقد الهادف السليم، لحمل الرسا لة السماوية وهي رسالة الإسلام إلى الإنسانية.
القيم هي مقياس الجمال كما أن الفكرة الجميلة هي عماد العمل الأدبي، والجمال وقوة التأثير في العمل الأدبي يعودان إلى قوة العقيدة والعاطفة، والالتزام والإيجابية من مسألة القيم الدينية والمبادئ الأخلاقية التي يجب أن يكون أثرها قوياً في النقد الإسلامي. النقد في الرؤية الإسلامية رسالة تعليمية وتوجييه، وهو شريك الأدب والفن بنحو عام في بناء الذوق السليم وتربيته لدى الناس، وتزويدهم بالغذاء الفكري والروحي، وإشراكهم في المتعة النظيفة، وإدخالهم في عالم الأفكار الموجه للطاقات نحو الخير في المجتمع.
النقد في الرؤية الإسلامية نقد ملتزم، يسعى إلى أن تسود الإيجابية والفاعلة في الحياة، ويعمل على تقويم السلوك الإنساني وفق التصور الإسلامي، وهو في تكامله مع الأدب الإسلامي ضرورة حياتية مثل الروافد المائية النظيفة التي تمد النهر بالغذا والماء، يكون هدفه أن يبعث الحياة والروح المتجددة في النفوس الخالدة، والقلوب الجامدة. ومن الواضح أن الأدب والشعر، والفنون الجميلة والحكمة والفلسفة والتأليف والتصنيف، ليس من وراء كل ذلك إلا غرض واحد، وهو أن تتولد في صاحبه حياة جديدة، وإيمان جديد.
وتؤكد الرؤية النقدية الإسلامية بأن الفن هو الذي يهيئ اللقاء الكامل بين الجمال والحق، فالجمال حقيقة في هذا الكون، والحق هو ذروة الكمال، ومن هنا يلتقيان في القمة التي تلتقي عندها كل الوجود، حيث إن الأدب من أكبر الوسائل للوصول إلى الأهداف النبيلة، والتأثير في النفس الإنسانية والإسهام في بناء الحضارة.
إن النظرية النقدية الإسلامية التي تجعل الفنون والآداب وسائل في خدمة الأفكار والتصورات والمبادئ الدينية والأخلاقية، والاهتمام بالقيم الأخلاقية والمبادىء الإسلامية لكونها تحمل أبعاداً واسعة في حياة الفرد بالدرجة الأولى، وفي حياة الأمة الإسلامية الشاهدة على الناس بحضارتها، وبقيمها ومبادئها الطاهرة، ثم في حياة الإنسانية المتعطشة إلى القيم الروحية، والمثل والأخلاق، وإلى المبادئ التي تساهم في تقويم البناء المتصدع في صرح الحضارة الحديثة.
** **
الأستاذ المساعد، قسم اللغة العربية وآدابها - جامعة عالية ،كولكاتا - الهند