د. محمد بن إبراهيم الملحم
الأساس الثالث هو ما يتعلق بإجازات عيد الفطر أو عيد الأضحى، فهذه الإجازة يقوم الأساس الحالي على أن العيد ستة أيام ولا أصل لهذا الأمر، بل العيد في ممارساتنا التي اعتدناها ونعيشها لا يتجاوز ثلاثة أيام، إذ في اليوم الرابع يبدأ الكسل وتقل الزيارات العائلية للمعايدة، أقول ذلك وأنا ابن الأحساء واحدة من أكثر مدن المملكة في النشاط الاجتماعي خاصة في الأعياد، علماً أن مثل هذه الأنشطة قليلاً ما يشارك فيها الأطفال والطلاب فهي في أغلبها زيارات يقوم بها الكبار وتتركز أغلب أنشطة فئة الطلاب في أيام العيد الثلاثة الأولى سواء من خلال صلاة العيد وحضور المناسبات العائلية أول وثاني العيد (غداء العيد أو عشاء العيد) أو من خلال حفلاتهم المشتركة أو قيامهم بالذهاب لأماكن التسلية والملاهي وغيرها والتي تقدم عروض العيد، وعموماً تظل الأيام الثلاثة التالية هي قيمة إضافية يستفيد منها الناس عادة في السفر وليست للعيد ذاته، ولذلك لا يجوز أن تستمر إجازة العيد بهذا الطول خاصة أنها كثيراً ما تأتي أثناء الفصل الدراسي، ومن هذا المنطلق فقد جعلتها ثلاثة أيام فقط، بيد أني راعيت نقطة مهمة في مسألة استئناف الدراسة بعدها، فإن وافقت الأيام الثلاثة آخر ثلاثة أيام بالأسبوع فهي إذن 3 أيام ولكن إن كانت في أوله أزيدها يوماً أو يومين بما يجعلها تشمل الأسبوع إلى آخره استهدافاً لأن يستأنف الدوام مطلع الأسبوع التالي (أي يوم أحد).
بقي أمران الأول هو سفر المتغربين لأهليهم ليقضوا معهم إجازة العيد، والواقع أنه لا يجوز أن نفصِّل ثوباً لكل المملكة بسبب فئة معينة هم المتغربون ولا نملك في نفس الوقت إحصائية دقيقة لهؤلاء الذين يعملون بعيداً عن «الديرة» ولا نعلم أيضاً كم نسبة من يسافر منهم فعلاً للديرة ليقضي العيد مع عائلته الكبيرة، حيث يوجد أناس يكتفون بالعيد في المدينة التي يعملون بها مع أولادهم وجيرانهم ومعارفهم ولا يفضّلون السفر للديرة كما يُقال. وعموماً غياب الإحصاءات يجب أن يوقفنا عن اعتبار هذه النقطة من أسس التخطيط للتقويم الدراسي. الأمر الثاني هو الحج، حيث دأبت إجازة الحج أن تكون أطول من عيد الفطر لشمولها أيام الحج فهي غالباً تبدأ من يوم 4 ذي الحجة وتنتهي سادس أيام العيد أي ستة أيام قبل العيد وستة بعده، وفي تقديري أن مبرر ذلك هو إتاحة الفرصة لمن يريد الحج لكنه مبرر غير منطقي! فمن غير الممكن أن يكون أغلب ولا حتى نصف طلاب المملكة (أو معلموها) في الحج كل سنة، بل لا أتصور حتى 10 بالمائة منهم يحجون سنوياً، ولذلك فإن هذا الأساس في عطلة عيد الأضحى غير مقبول منطقياً وينبغي التراجع عنه، كذلك يُقال إن ظروف المدارس بمكة المكرمة تختلف عن غيرها في هذه الفترة من ذي الحجة، وأقول من معلومات مباشرة من أهل مكة إن مدارسها وجامعاتها ربما تعطل بشكل غير رسمي منذ نهاية ذي القعدة، وهذه الحالة الاستثنائية لا يجوز اعتبارها مبرراً لتغيير ما يجب التخطيط له على مستوى كل مدن وطلاب المملكة بأسرها، وعلى هذا فإن إجازة عيد الأضحى لا ينبغي أن تتجاوز أربعة أيام: ثلاثة للعيد وواحداً قبلها ليوم عرفة باعتباره يوم صوم واستعداد للعيد في نفس الوقت، كما تطبق نفس القاعدة التي تقدم ذكرها في تصميم أيام إجازته فإن وافقت بداية أسبوع يتم مدها إلى خمسة أيام ليتحقق أن استئناف الدراسة يكون يوم أحد وليس يوم خميس أو أربعاء، وفي الواقع يمكن أيضاً تجاوز هذه القاعدة أحياناً إذا توفرت ظروف ملائمة: وهي أن تكون الأيام التي تستأنف فيها الدراسة أيام اختبارات لنهاية الفصل الدراسي فعندها سيضمن واضع الخطة حضور الطلاب ويمكنه أن يجعل إجازة العيد تنتهي مثلاً يوم الثلاثاء وتستأنف الدراسة يوم الأربعاء والذي سيكون يوماً اختبارياً ومعه الخميس والأسبوع التالي لهما ختاماً لفصل دراسي، حيث تعقد الاختبارات النهائية، وهذا تصادف في بعض سنوات خطتي المقترحة والتي أشرت لهالأسبوع الماضي في مقالتي وهذا رابطها مرة أخرى لمن يود الاطلاع http://twitdoc.com/upload/mialmulhim/my-calendar-for-school-schedule-study.pdf
أخيراً أتمنى أن تهتم وزارة التعليم الموقرة بهذه القضية الأساسية والعمل على بناء تقويم أقرب للواقعية ويحقق أقل خسائر ممكنة، لاسيما أن مسألة التقويم الدراسي تمس كل شرائح المجتمع ولها آثار شاملة ومؤثرة، والطريق إلى ذلك ليس معقداً، بل يمكن أن تعقد له ورش عمل تشارك فيه أطراف خارجية لا تجامل الوزارة وتقدم رؤيتها التي تتكامل مع متطلبات الوزارة، كما أقترح أيضاً أن تطرح استفتاءات لأخذ الرأي العام حول بدائل مقترحة للتقويم الدراسي والإفادة من الأفكار التي ترد في مثل هذه الاستفتاءات خاصة إذا كلفت بها شركات متخصصة تقدم عملها بمهنية عالية في جمع المعلومات وتلخيصها.
** **
- مدير عام تعليم سابقاً