«الجزيرة» - تبوك:
رعى صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك أمس بديوان الإمارة، حفل تدشين مبادرة «أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة»، الذي تنظمه الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء.
واستهل الحفل الخطابي لتدشين المبادرة بتلاوة آيات من الذكر الحكيم، تلا ذلك كلمة لسماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء الرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ, ألقاها نيابة عنه مدير عام الإدارة العامة للفتوى الشيخ وليد السعدون قال فيها: إن الأمن والاستقرار من أكبر نعم الله على عباده، وهو مطلب كل إنسان على هذه البسيطة، إذ بدونه تختل الموازين، وتضطرب أحوال البشر، ومن أسباب الأمن والاستقرار وأعظمها: توحيد الله جل وعلا وعبادته، وترك عبادة ما سواه، واجتماع الكلمة والسمع والطاعة لولاة أمور المسلمين، وكذلك نبذ الفرقة والاختلاف والالتفاف على العلماء والصدور عن رأيهم, مضيفاً ان للفتوى المعتمدة من مصادرها الشرعية الأثر الكبير في الأمن والاستقرار وجمع الكلمة على ولاة الأمور وبيان فضل السمع والطاعة لولاة المسلمين، وذلك جلباً للمصلحة ودفعاً للمفسدة, فمتى كان المفتي عاملاً وفق النهج الصحيح، ملتزماً كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، سائراً على سنن الاستنباط السليم على طريقة السلف الصالح، كان له الأثر الإيجابي في محافظة المجتمع المسلم على هويته واجتماعه والسمع والطاعة لولي أمره.
وأردف قائلاً: لذا حذر الله من أخذ الفتوى من غير أهلها فقال تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَاتَعْلَمُونَ)، وحذر المفتي المتطفل على مائدة أهل العلم من إضلال الناس بغير علم فقال تعالى: (وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولاً) وحذر العلماء من المفتي الجاهل الذي يفتي بهواه وما ذلك إلا لخطره وضرره على المجتمعات المسلمة وأفرادها.
وقال: قد حفظ الله لهذه الدولة المباركة مكانتها ووحدتها، ومن عليها بالتفاف شعبها على ولاة أمرهم وأسبغ عليها من نعمه بقيادة حكيمة وحكومة رشيدة منذ عهد المؤسس رحمه الله وطيب ثراه، حتى عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين _حفظهما الله _ ، وقد لقيت الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء ممثلة في هيئة كبار العلماء، واللجنة الدائمة للفتوى كل دعم وعناية من لدن خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بشأن الفتوى والمفتين، حيث صدر الأمر السامي الكريم رقم 3307 وتاريخ 13 / 1 / 1444هـ بشأن تنظيم الفتوى والمفتين، حفظاً لكيان هذا العلم, وألا يتصدر أمر الفتيا إلا من توافرت فيه الشروط، وتم إجازته من الجهات المختصة، وبذلك يُقطع الطريق على كل من تسول له نفسه تصدر الفتيا دون علم وبصيرة.
سائلاً الله في ختام كلمته أن يوفق خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود رئيس مجلس الوزراء لما يحب ويرضى ويأخذ بناصيتهما للبر والتقوى، وأن يوفق سمو أمير منطقة تبوك على دعمه لمناشط فرع الرئاسة بالمنطقة، وأن يوفق الجميع في هذه المبادرة المباركة بإذن الله تعالى، بما يحقق آمال وطموحات وتوجيهات ولاة أمرنا وأن يحفظ بلادنا من كل سوء ومكروه.
إثر ذلك، أقيمت ندوة عن ضرورة أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة، قدمها عضو هيئة كبار العلماء ومفوض الإفتاء بمنطقة عسير فضيلة الدكتور جبريل بن محمد البصيلي، تحدث فيها عن نعمة الأمن، فيما تحدث مفوض الإفتاء بمنطقة حائل فضيلة الدكتور أحمد بن جزاع الرضميان عن خطر الفتوى بغير علم، وتحدث مفوض الإفتاء بمنطقة مكة المكرمة فضيلة الدكتور الشيخ محمد عمر بازمول عن ضرورة أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة.
عقب ذلك القى صاحب السمّو الملكي الأمير فهد بن سلطان بن عبدالعزيز أمير منطقة تبوك كلمة قال فيها: أشكر سماحة الوالد مفتي المملكة العربية السعودية الشيخ عبدالعزيز حفظه الله وأدعو له إن شاء الله بالصحة وطول العمر، كما أشكر أصحاب الفضيلة على تكرمهم بالمجيء إلى منطقة تبوك، وأشكر مكتب الرئاسة بالمنطقة على جهودهم وعملهم.
وأضاف سموه بأنه مجرد النظر إلى عنوان هذا اللقاء ندرك بعد نظر سماحة المفتي على اختياره المواضيع التي تهم المسلمين عموما وتهمنا نحن في هذه البلاد خاصة، لأن الفتوى من أهم الأمور وأخطرها، ونحن ولله الحمد شعب مسلم يؤمن بدينه وعلمائه، ويستسقي كل شيء منهم، فعندما يشكل عليه أي أمر يرجع إلى العلماء ليستفتيهم فيه.
وأوضح سموه بأنه لا يجوز لأي شخص غير مؤهل أو غير معتمد من قبل سماحة المفتي والرئاسة أن يفتي بأي قضية قبل أن يرجع إلى المرجع بحيث تكون الفتوى واضحة وصريحة وشاملة للجميع.
وأشار سمو أمير المنطقة إلى أننا ولله الحمد في نعمة كبرى، فبلادكم ولله الحمد وحّدها الملك عبدالعزيز وجمع شملها ومعه الرجال المخلصون من آبائكم وأجدادكم من كافة أنحاء هذه البلاد، الذين استطاعوا أن يوحدوا هذه البلاد ويثبتوها على الكتاب والسنة، فعندما بدأ بدأ بكلمة «لا إله إلا الله محمد رسول الله».
وأكد سموه بأننا نحن هنا في منطقة تبوك وفي كل مناطق المملكة نسير تحت توجيه كريم من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - برؤية واضحة صريحة أساسها الكتاب والسنة، وأساسها تمسكنا بعقيدتنا، والحمد لله نحن على خير وبلادنا بخير وستكون على خير بإذن الله. وفي ختام الحفل تسلم سموه درعًا تذكارية من سماحة المفتي بهذه المناسبة.