منى القصاص
الكثير من الشركات اليوم تعاني من ارتفاع تكاليف الإنتاج وتذبذبها، وهو ما قد يؤدي لخسائر كبيرة في الوقت الحالي الذي تعاني فيه الشركات من أزمات اقتصادية في ظل الوضع الاقتصادي الراهن.
ولعل أحد أبرز الحلول التي يمكن أن تلجأ إليها الشركات لتقليل نفقاتها والارتقاء بجودة منتجاتها هو ما يعرف بإستراتيجية «التصنيع الرشيق» أو «lean manufacturing»، والتي اعتمدت عليها إحدى شركات تصنيع السيارات اليابانية منذ نشأتها في خمسينات القرن الماضي وقادتها بأن تصبح واحدة من أكبر الشركات المنتجة للسيارات في العالم.
كانت المشكلة الرئيسية التي تواجه الشركة في ذلك الوقت هي تكاليف الإنتاج العالية مقابل الجودة المنخفضة للمنتجات، ولكن الرئيس التنفيذي «كيشيرو تويودا» قام بتبني نهج جديد في الشركة يُركز على زيادة الكفاءة وتحسين جودة المنتجات وهو لب إستراتيجية التصنيع الرشيق!
وقد اعتمد كيشيرو على عدة عوامل في تطبيق هذه الإستراتيجية، من بينها ما يلي:
-1 تبني الفلسفة اليابانية لإدارة الجودة: اعتمدت الشركة مبادئ الفلسفة اليابانية لإدارة الجودة، مثل فلسفة «كايزن» (Kaizen) والتي تعني التحسين المستمر والشامل في جميع جوانب الشركة، ومن ثم اعتبرت الجودة والكفاءة جزءاً لا يتجزأ من ثقافتها المؤسسية، وشجعت موظفيها على تحسين العمليات بشكل دائم ومستمر.
-2 التركيز على قيمة العميل: بدلاً من التركيز فقط على زيادة الإنتاجية وتقليل التكاليف، اعتبرت الشركة رضا العملاء، وتلبية احتياجاتهم جزءاً أساسياً من إستراتيجيتها؛ وبذلك تمكنت من كسب رضا وثقة العملاء.
-3 إيقاف الهدر: ركزت الشركة على تحليل وتحسين العمليات بدقة للتعرّف على أي أنشطة تعتبر مهدرة وتؤثّر على الموارد، ومن ثم عملت على تحسينها أو القضاء عليها تماماً مما ساعدها في زيادة الكفاءة وتحسين جودة المنتجات.
-4 تطبيق نظام إنتاج «جودة الجمع»: اعتمدت أيضًا على نظام إنتاج يعرف بـ «جودة الجمع» (Just-In-Time)، والذي يركز على توفير المواد اللازمة في الوقت المناسب والكمية المطلوبة دون تكديس المخزون؛ مما ساعدها على تحسين تدفق العمل وتقليل التكاليف الناتجة عن وجود مخزون زائد، وقد سمح لها أيضًا بتحسين التسليمات والاستجابة لاحتياجات العملاء بشكل أكثر فعالية.
-5 تشجيع المشاركة والابتكار: شجعت الشركة موظفيها على المشاركة الفعّالة في عمليات التحسين المستمر والابتكار؛ وذلك عن طريق اقتراح أفكار جديدة لتحسين العمليات وتقديم حل للتحديات التي تواجه الشركة، وعملت أيضًا على تطوير ثقافة المشاركة والابتكار داخل المنظمة من خلال تشجيع التواصل بين مختلف المستويات الوظيفية والاستفادة من خبرات وأفكار جميع الموظفين.
-6 التركيز على جودة المنتج: وضعت جودة المنتج أهم أولوية بالنسبة لها في إستراتيجيتها الجديدة، حيث اعتبرت ضمان جودة المنتج من المراحل المبكرة للإنتاج إلى التسليم النهائي على أنها عامل مهم في تحقيق رضا العملاء وبناء سمعة الشركة.
-7 الشراكات المستدامة: من جهة أخرى اعتمدت الشركة على بناء شراكات مستدامة مع مورديها من خلال تعزيز التعاون معهم وتطوير علاقات طويلة الأمد تستند إلى الثقة والاحترام المتبادل والتفاهم المشترك.
-8 الاستفادة من التكنولوجيا: قامت الشركة باستخدام التكنولوجيا المتقدمة لتحسين عمليات الإنتاج وزيادة الكفاءة، وتقليل التكاليف، وزيادة الدقة والسرعة في عمليات الإنتاج.
في النهاية، يمكن القول إن النجاح في تطبيق إستراتيجية التصنيع الرشيق اعتمد بشكل أساسي على هذا المزيج من العوامل المتداخلة التي سردناها، وبالتالي يجب على الشركات التي ترغب في تحسين أوضاعها أن تتبني هذه الإستراتيجية بشكل متكامل ومستدام حتى تستطيع تحقيق أفضل النتائج الممكنة.