إبراهيم بن سعد الماجد
في هذه الحياة الدنيا التي قال عنها المولى سبحانه وتعالى: وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ قصص تُروى، وحياة تسطر لكثير من البشر.
فالراحلون مصيرهم المنظور واحد، ألا وهو القبر، ولكن مصيرهم الذي لا يعلمه إلا الله مختلف كلياً، والبون شاسع, وماذلك إلا لما كان لهم من أثر في حياتهم الدنيا، هذا الأثر الذي يختلف من إنسان إلى آخر، وهذا الأثر كذلك ربما يكون أثراً نافعاً فيرتقي به العبد، أو أثراً سيئاً فيشقى به ويذل.
إذا ما مات ذو علم وتقوى
فقد ثُلِمت من الإسلام ثُلمة
وموتُ الحاكم العدلِ المولّى
بحكم الشرع منقصةٌ ونقمة
وموت العابدِ القوّام ليلاً
يُناجي ربّه في كل ظلمة
وموتُ فتىً كثير الجود محلٌ
فإن بقاءه خصبٌ ونعمة
وموتُ الفارس الضرغام هدمٌ
فكم شهِدتْ له بالنصر عزمة
فحسبُك خمسةٌ يُبكى عليهم
وباقي الناس تخفيف ورحمة
وباقي الناس همجٌ رعاعٌ
وفي إيجادِهم لله حكمة
وما أعظم من يرحل ويترك أعظم أثراً ممكناً أن يكون, ألا وهو القرآن الكريم ، قُبيل فجر يوم الاثنين 18 شوال 1444هـ رحل القارئ الشيخ محمد خليل قارئ الإمام السابق لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، تاركًا إرثاً عظيماً يسمع إلى ماشاء الله أن يسمع في كل أنحاء المعمورة، ليكون بإذن الله شاهداً له عند ربه سبحانه وتعالى.
إن رحيل الشيخ محمد سبقه رحيل والده واثنين من إخوته جميعهم قراء وحفظة لكتاب الله، الشيخ محمود والشيخ أحمد ابنا القارئ الأشهر خليل قارئ، رحيل القراء الأربعة جاء في مدة متقاربة جداً، لا تتجاوز فيما أظن الخمس سنوات، وكان للأب والأبناء الثلاثة قبولٌ ومحبة عند من عرفهم ومن لم يعرفهم، وهذا من بشارات الخير.
جلست أتأمل كيف سيكون أثرنا بعد رحيلنا؟ هل نحن ممن سيكون أثرهم نوراً لهم في قبورهم، ورافعاً في درجاتهم عند ربهم؟ أو الأخرى، نسأل الله الهداية والصواب فيما نقول ونفعل، وجدت كثيراً ممن رحلوا آثارهم باقية، لكنها متباينة، وهناك من لا أثر لهم، وهذه حكمة الله في خلقه.
اليوم ومع وسائل التواصل سيكون للكثير أثرٌ يسمع ويقرأ ويشاهد، فهل وعينا خطر ما يمكن أن نتركه من أثر.
رحم الله القراء الأربعة وجمعنا بهم ووالدينا في مقعد صدق عند مليك مقتدر.