لم يدر بخلدي أن يأتي اليوم الذي أكتب فيه راثياً والدي الثاني، ومعلمي، سمو سيدي الأمير عبدالرحمن بن عبدالله رحمه الله، ولكنها إرادة الله، ولا راد لقضائه، ولا معقب لحكمه سبحانه.
إني أكتب هذه الكلمات في رثاء سموه وقلبي يعصره الألم، فقد فقدت شيخاً تقياً بثوب رجل، وفطيناً حكيماً بعباءة حليم.
مهما كتبت فلن أستطيع أن أبوح بكل ما يجول بخاطري، ومهما وصفته فلن أوفيه حقه من الوصف، ولكنني على يقين أنني ذقت طعم اليتم من جديد، وعلى كبر، فعشرتي مع سموه الكريم امتدت لأربعين عاماً، وكانت كعشرة الابن مع والده، أفهمه من نظرته، وأعي رغبته من نبرته.
لقد غادرنا كبيرنا الذي ستفتقده أركان قصر شهد كل معاني الكرم، وتفريج الكربات، وإطعام الجائع، وإعانة المحتاج، وسيفتقده المصلون في جامعه، ورفقاء دربه، وأهله ومحبوه، سيفتقده الضعفاء قبل الأقوياء فقد كان سندهم بعد الله لسنوات مضت، وكل هؤلاء لا يوازون فقدي لسمو سيدي فرفقتي معه ستبقى وإن غادر هذه الدنيا.
اللهم ارحم عبدك عبدالرحمن بن عبدالله، واغفر له واعف عنه، واجمعنا به في عليين، مع الكرام البررة، في جنان الخلد يارب العالمين، وإنا لفراقه لمحزونون، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.
** **
- عماش بن عبدالهادي الشمري