عبده الأسمري
تتبارى في عقل «الإنسان» يومياً عشرات المتشابهات والمتضادات وسط «صراع» حتمي ينقله ما بين «متاهات» الحيرة و»مسارات» الخيرة ويجعله في دوائر من «التفكير» ومدارات من «التدبير» خاضعاً لمد «الأمنيات» وجزر «التداعيات».
يتشكل «الوعي» الإنساني في مراحل مختلفة من حياة الإنسان ابتداءً من سنوات الطفولة مروراً بتصاعد الشباب واستقرار الرشد وحتى هيمنة الشيخوخة ويبقى في شد وجذب ما بين تجارب عمر ومحطات حياة وتباين ما بين رضا مطلوب وقنوط غير مرغوب فتتشكل موجات «الاختيار» وهجمات «الإجبار» متجهة نحو موجبات «القرار» وعزائم «الاستقرار».
تأتي الذاكرة في مراحل من العمر فارضة السيطرة على أجزاء من مسارات «التفكير» ليحاول الإنسان صد المؤثرات ووقف التأثيرات بخلطة «النسيان» التي تحتاج إلى «صبر» مستديم و»جبر» دائم وصولاً إلى الظفر بالسلوان الذي يملأ «النفس» بهدايا «القناعة» التي تمنح للحياة أبعاداً جديدة من الوفاق واتجاهات متجددة من الانطلاق.
تقتضي طبيعة الحياة الخاضعة للتبدلات والتغيرات أن يواجه الإنسان المتاعب وأن يصطدم بالمصاعب التي تقف كعثرات في طريقة وعقبات في دربه فيتدخل «الفكر» لمقاومة المتغيرات ومجابهة المؤثرات حتى يتم اتخاذ «قرارات» حاسمة تستدعي اتحاد «التربية» و»التوجيه» والمشورة» لتجاوز أسوار «المحن» واجتياز عوائق «الأزمات» فتتجه الأفكار والرؤى إلى مواطن «الصواب» أو مكامن «الخطأ». على الإنسان أن يستفيد من تجارب الحياة حتى يرتفع لديه «الإدراك» ومن ثم ازدياد مساحة «الوعي» التي تنقله من متلقٍّ للتوجيه إلى مصدر للنصح وتحوله من شخص مستهلك إلى آخر منتج فالتفكير صناعة تنتج من الاستفادة من التجربة والإفادة في النتيجة. تتدخل التربية الأسرية بشكل واضح في صياغة أولى بوادر «الوعي» الإنساني من سن الطفولة والتي تعد البوابة الأولى التي ينطلق منها الإنسان نحو محطات الحياة وتتشكل منها اتجاهات متعددة وموجهات متمددة تتكامل فيها معاني التوجيه وتتماثل وسطها معالم القيم وتتكون من خلالها الشخصية لذا فإن «الخطوات» الأولى دائماً ما تحدد مستوى «الركض» في ميادين العمر وتقيس مسافات الوصول إلى خطوط النهايات وتحديد مراكز الفوز ومراتب النجاح.
للتعليم دور أساسي في صقل الشخصية وتحديد «مسارات» المستقبل وتسيد «مراتب» الفلاح فعلى طاولات الدراسة تعلو همة «التفوق» وتتجلى مهمة «التميز» والتي تصنع في داخل الإنسان «الدعم» المعنوي الأول وصناعة «الثقة» المثلى والتي تسهم في ارتفاع مستويات «الوعي» اللاحق في مراحل عمر قادمة.
للمناهج الدراسية القيمة والبيئة التعليمية الاحترافية دوران رئيسيان في تهيئة الطفل منذ مراحل الدراسة الأولى على التدريب الفكري وعلى التواؤم مع «العصف» الذهني الذي يسهم في رفع درجات «الوعي» والمسؤولية الفكرية والقدرة على المشاركة والاشتراك في صناعة الأفكار والتعلم على صياغة الرؤى والخروج من «روتينية» التلقين إلى «مهنية» التمكين حتى يتم تخريج أجيال قادرة على «التفكير» خارج صناديق «الروتين» الدراسي. من الضروري أن يكون لدى قطاعات التعليم خطط منهجية قائمة على الابتكار والتجديد والتطوير وأن يكون لديها فرق عمل متخصصة وقادرة على «اقتناص» المواهب الواعية والتي تمتلك «المهارات» من خلال الخروج من «قوالب» المناهج الاعتيادية إلى صناعة الأنشطة وإقامة المسابقات والندوات والفعاليات الداعمة للفكر والتي تحول الدراسة من «محطة» عبور إلى «نقطة» تحول تخرج لنا المبدعين وتبرز لنا الموهوبين وتكشف لنا المبتكرين. يمر الوعي الإنساني بمراحل حتمية تقتضي الاغتراف من «مشارب» التجارب والاحتراف في صياغة الأهداف والتي تدرب الإنسان على «السعي» في اتجاهات الحياة والاعتماد على تنمية مهارات «التفكير» التي تقتضي أن يكون لديه مشاركة فكرية في كل اتجاه من خلال الأسرة والمدرسة والجامعة والوظيفة والمجتمع. للوعي دور جبار في رفع مستوى «المسؤولية» الإنسانية وارتفاع معنى «المشاركة» المجتمعية من خلال أدوار ومهمات الإنسان في رسم خرائط «الفوائد» وتأصيل طرائق «العوائد» حتى يرتقي لأن يكون شخصية نافعة شافعة في محيطه الاجتماعي قادرة على وضع بصمات «التأثير» وترك ومضات «التقدير» في ميادين «السعي» المتواصل من خلال بصائر «الفكر» ومصائر «الأثر».