حنان بنت عبدالعزيز آل سيف
حركة إحياء التراث في المملكة العربية السعودية، كتاب جم الفوائد، عديد الفرائد، ناسجه هو معالي الأستاذ الدكتور الأديب: أحمد بن محمد بن حسن الضبيب، وهو رجل له ثقل ووزن فهو من رجالات العلم، وقادة الفكر، ونوابع الأدب، هو علم لا يُعرف، وراية لا تنكس، يطرب سمعك، ويمتع نفسك، بدراسة تاريخية تحليلية نقدية، لحركة إحياء التراث في ووطننا العامر، أي من بدء ضخ الكتب من شريان المطابع، وذلك في عهد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود- بلَّ الله قبره بوابل رحمته وغفرانه وعفوه.
هذه الحركة الميمونة المباركة باتت ملحمة الفكر، ومعلقة الشعر، أثرها مضيء، ودرها منير، وثمرها نضيد، يقول ناسج القصد وناظم القصيد في استهلاله الكتاب ما كنهه وفحواه الآتي: (أقتضى منهج هذا الكتاب أن يقسم إلى قسمين الأول يتعلق بحركة الإحياء قبل توحيد المملكة العربية السعودية، والغرض منه إعطاء خلفية تاريخية عن موضوع هذا الكتاب في ذلك العصر.
أما القسم الثاني فيتناول حركة الإحياء بعد التوحيد حين بلغ الملك عبدالعزيز مكة سنة 1343هـ/ 1924م، ومن الواضح أن كل حقبة منهما تختلف عن الأخرى من حيث الظروف السياسية والثقافية والاقتصادية وغيرهما، ومما لا شك فيه أن الحقبة الثانية هي التي يعنى بها الكتاب بالدرجة الأولى، أما حقبة ما قبل التوحيد فقد تناولها كتابي بواكير الطباعة والمطبوعات في المملكة العربية السعودية « الذي يشمل المدة من دخول المطبعة مكة المكرمة سنة 1300هـ / 1883م إلى أن بلغ الملك عبدالعزيز مكة سنة 1343هـ / 1924م) ثم قسم المؤلف الدراسة في الحقبة السعودية إلى مرحلتين: الأولى هي مرحلة الريادة، وقد أعطيت مساحة أكبر من الدراسة التفصيلية وذلك للتعرف على جهود الرواد، في نشر الكتب، وهي مرحلة اجتهادية، من قبل المحققين لا تتفق مع أصول منهج التحقيق إلا من احتذى منهم حذو المستشرقين وهم قلة.
الثانية وهي المرحلة المنهجية أو الأكاديمية وهي مرحلة نتاج أساتذة الجامعات، وطلبة الدراسات العليا.
كما حوت حركة الإحياء أنماطاً من التآليف لا تدخل ضمن التحقيق مثل تفاسير القرآن الكريم، وتجويده، والشروح والمختصرات والردود.
والسؤال الطارح لنفسه ما هي المعالم التي وقفت عندها الدراسة، وجواب ذلك يتضمن في القول التالي: (لقد وقفت هذه الدراسة عند معالم حركة الإحياء، وواكبت نشر كتب التراث تاريخياً منذ البدايات المبكرة، واحتفت بالريادات الأولى سواء من حيث دور الأفراد أو المؤسسات الرسمية والخاصة، وكذلك من حيث الموضوعات المتنوعة، والكتب المهمة التي دار حولها النشاط، كما أبانت الدوافع والمحركات التي أسهمت في تنشيط هذه الحركة في أثناء مسيرتها الطويلة، والكتاب لا يقتصر على الجانب التاريخي من الموضوع، وإنما يعمد أيضاً إلى التحليل والنقد في بعض الفصول، لتبيين أبعاد بعض القضايا المطروقة في الكتاب) ومن خلال الفقرة الأخيرة من كلام المؤلف يتضح أنه لم يلمح أو يشر إلى كنوز حركة الإحياء التي درستها المؤسسات والجامعات والمراكز العلمية، ومنافذ النشر والطباعة، بل وقف عند أسسها وركائزها وثمة نتاجها وقفة المتأمل البصير والذي يدرك ببراعة وتفوق ومهارة مداخل كتب التراث ومخارجها، وذلك بلغة علمية منسابة سهلة ممتنعة، والناظر في الكتاب، والمتأمل فيه يلمح ذلك التشابه بين المؤرّخ خير الدين الزكلي في كتابة:
(الأعلام)، وبين معالي الأديب المؤرخ لحركة إحياء التراث في بلادنا الناهضة د. أحمد الضبيب ووجوه التلاقي والتشابه تنساق تحت هذه الحقائق:
أولاً: كان هدف الزركلي حين همَّ بتأليف الأعلام أن يكتب كتاباً يتناول كل من عرض له خبر، أو دون له اسم في التاريخ، لكنه لم يستطع ذلك وها هو يقول في الأعلام في مقدمة الطبعة الأولى (كان من أماني النفس وضع كتاب يتناول بالذكر كل من عرض له خبر، أو دون له اسم في تاريخ العرب والمستعربين، من جاهليين وإسلاميين، متقدمين ومتأخرين، أني رأيت في ذلك عبئاً لا ينهض به الفرد، وميدانا يقصر عن اقتحامه الجهد).
ومعالي الدكتور أحمد الضبيب يقول في مقدمته: (بما أن حركة نشر التراث حركة دائبة لا تنقطع، فأن متابعة جميع النتاج المنشور تكاد تكون مستحيلة، والباحث في هذا الموضوع سيظل يلهث وراء المعلومات حول ما ينشر دون أن يحظى بما يؤمله من الشمول).
ثانياً: المدة الزمنية التي استغرقها كل منهما في التأليف، فقد ربت السنون عند كل واحد على ما يزيد من أربعة عقود متتالية.
فالزركلي يقول في مقدمة الطبعة الثانية من أعلامه القول التالي: (هذا نتاج أربعين عاماً ... أمضيتها في وضع « الأعلام» وطبعه أولاً، ثم متابعة العمل فيه تهذيباً وإصلاحاً وتوسعاَ، وإعداده للطبع.
والدكتور الضبيب يحدد فترته الزمنية التي قضاها في التأليف حيث يقول في مقدمته: (يمثّل هذا الكتاب ختام مسيرة بحثية طويلة في موضوعه، بدأها المؤلف منذ أكثر من خمسة وأربعين عاماً، لدراسة حركة إحياء التراث ونشره في المملكة العربية السعودية) وحول هذه الوجه تتفق دراسة إحياء التراث والمدة التي قضاها مؤلفها فيها بما بذله المستشرق الألماني: أوفست فيشر في تأليفه لمعجمه الذي أسماه (معجم فيشر)، حيث أمضى فيه أربعين سنة، وقد كان هذا المستشرق استاذاً في جامعة (هالّه) وهو من أعضاء مجمع فؤاد الأول للغة العربية، وهذا بعينه ما نص عليه الزركلي في إعلامه (1/26) حين ترجم لفيشر.
ثالثاً: كلاهما لقيا عنتاً وجهداً ومشقة في البحث والتنقيب والدراسة فالزركلي في مقدمته للطبعة الثانية يقول: (وعانيت في تراجم المعاصرين نصباً .... عكفت ... الأعوام الطوال، أشذب وأهذب وأمحو وأثبت مضيفاً إليها من تراجم المتقدمين والمتأخرين ما جعلها في أضعاف ما كانت عليه).
ومقدمة د. الضبيب جاء في استهلالتها: (لقد بدأ هذا المشروع ببحث صغير، ... وبعد ذلك انصرفت إلى الموضوع بصورة توحي بأنني كنت فيه مسيراً، على الرغم مما كنت أعانية فيه من المشقة والعسر، فقد تشعبت أمامي السبل، وتعددت أودية البحث، فكلما قطعت فيه علماً بدأ علم، كما يقول المثل، ومع ذلك كنت مصراً على مواصلة السير، وكان شغف الاكتشاف يحملني على الاستمرار، على الرغم من وعودة الطريق ووحشته، وكنت أسير فيه، أول الأمر- مطمئناً، أدرس نتاج الرواد بشي من التفصيل والتأمل والاستمتاع، حتى إذا جاءت إطلالة القرن الخامس عشر حدث الانفجار الثقافي الكبير في نتاج حركة الإحياء).
رابعاً: غزارة مصادر ومراجع الأعلام وإحياء التراث، فعند الزركلي ربت على 80 مرجعاً ومصدراً وعند د. الضبيب بلغت 119 كتاباً.
خامساً: كلاهما المح إلى إكمال المسيرة وإعمال قلم النقد، حيث قال الزركلي في مقدمة الطبعة الأولى،(ألتمس ممن حذقوا التاريخ، ومازوا لبابه من قشوره، وكان لهم من الغيرة عليه ما يحفزهم إلى الأخذ بيده، أن يتناولوا الكتاب منعمين مفضلين، بنقد خطأه وعدل عوجه، وبيان ما يبدو لهم من مواطن ضعفه، وقد يماً قال إبراهيم الصولي: المتصفح للكتاب أبصر بمواقع الخلل فيه من منشئة).
ومعالي د. أحمد الضبيب يقول: (أنوه بأن اجتهاد المؤلف لا يغلق الباب أمام البحث العلمي في موضوعاتها المختلفة، بل ما زال المجال يحتمل المزيد من البحث والتقصي والتوسع في بعض الموضوعات التي قد تحتاج إلى ذلك) ومعاليه- نضر الله عمله - كان متيماً بحب التراث والتفاني في خدمته ودراسته منذ أزله ونعومة أظفاره، فأول كتاب تراثي يصدر عن جامعة سعودية كان من تحقيقه اسمه (الأمثال) لأبي فيد مؤرج بن عمرو السدوسي.
والذي نشر أول أمره في مجلة الآداب بجامعة الرياض في عددها الأول سنة 1390هـ 1970م ثم انفرد بالنشر في العام نفسه.
والكتاب من وهلته الأولى يوحى بقوة الشكيمة، وصلابة الإرادة وإصرار العزم والعزيمة، فالضبيب عالم هامته في الثمانين وهمته في العشرين وفي حديثه عن كتاب (العقد الثمين) لتقي الدين الفاسي تستشف منه قوة الجلد، والقدرة على جرد صفحات الكتب حينما تخلو الكتب من الفهارس التي تيسر طرق البحث، ورصف المادة، واختصار الوقت، فيقول قول الهمام المجرب: (ما أكثر الأعلام الذين ذكروا فيه من غير المترجمين، وما أكثر الأماكن والمواضع والكتب والمؤلفات، ولو ألحق بفهارس تشملها جميعاً لجعل مهمة الباحث سهلة ممتعة، بدلاً من أن يضطر إلى قراءته بأجزائه الثمانية حتى يحصل على ما يريده من معلومات).
ثم ارعه سمعك، ليصب فيه الشهد التالي: (كان على هذا البحث أن يتوقف عند نقاط معينة، وأن يترك الاستقصاء ويعتمد الانتقاء، ويكفي أن تكون مادة الدراسة تقرب من ثلاثة آلاف عنوان من المطبوعات، وقد نشرت في كتابي» معجم مطبوعات التراث في المملكة العربية السعودية).
والكتاب مليء بأعلام عدة، وأعيان جمة، وعلى رأسهم مؤسس البلاد -طيب الله أثره وثراه - والتطرق إلى جهوده التي شملت دعم إحياء التراث في المملكة العربية السعودية - عمرها الله - وقد جاءت الإشارة إليه والتنويه بجهوده ونفقاته الخاصة في طبع ونشر وتوزيع كتب التراث الديني وقد ورد ذكرها ناصعاً متلألئاً في الصفحات ذات الأرقام التالية: (ص: 72، 270، 271، 272، 309، 358، 384، 385) وهناك صفحات سواها وفي طرق المؤلفات لأعمال المحققين والدارسين كان يؤكد على أمور هامة منها:
أن يخرج نص المؤلف كما هو، دون تغيير، لأن لغة المؤلف هي وثيقة تاريخية على العصر الذي كتبت، وإن كان هناك ملاحظات أو تعليقات فمجالها الحواشي وأما متن الكتاب فلا يجوز المساس به - ص584 أن يذكر في الكتاب أسماء محقيقيه - ص546 أهمية الفهارس في تسهيل سبل البحث، وتوفير الوقت والجهد على مرتادي كتب التراث - ص550 هذا ويأخذ بتلابيبك روح الإنصاف والعدالة التي يتسم بها الكتاب، في ذكر إيجابيات الكتاب وسلبياته، والتطرق للكتب ما لها وما عليها (ص: 254، 259، 269) ومما يؤسف الحال أن المؤلف معالي د. الضبيب - حرسه الله- أنصف ولم يٌنصف فهناك من استفاد من أبحاثه ولم يشر إليه على الرغم من أنه قادح زناد الفكرة، وجامع مادتها. والكتاب بديع الطرح، متين الدرس، وفي معلوماته فوائد وغرر لا تعد ولا تحصى، تتنافس فرائدة في بروزها، ولسان حال كل واحدة يقول: قدموني- قدموني، ومنها تمثيل لا حصر: أقدم مكتبات الجزيرة العربية (ص17) ملحوظات على رسائل الدراسات العليا في جميع جامعات المملكة العربية السعودية ومراكز البحث (ص99)، أهم الموضوعات البحثية التي عنيت بها مجلة العرب (ص105-106) موجز الرحلة الشاقة التي قام بها الشيخ ابن قاسم وابنه محمد في جمع فتاوى ابن تيمية (147) كتب الردود العلمية أول من شق طريقها هو الإمام محمد بن عبدالوهاب وهي ثلاثة أصناف (ص 195) يعتبر الشيخ ابن سمحان من أكثر علماء نجد في الرد على مخالفي الدعوة السلفية وتمثل هذا في كتبه وديوانه (ص201).
كتب علوم القرآن - قراءته وتجويده من أخصب الحقول الدينية بالنشر والتأليف في ظل حركة أحياء التراث في المملكة، (ص 230) من أكثر علماء مكة اهتماماً بالقراءات القرآنية قبل العهد السعودي فضيلة الشيخ محمد محفوظ عبدالله الترمسي (231) سمات تعليق الشيخ محمد رشيد رضا على تفسيري ابن كثير والبغوي (ص 251) أهم الردود على تفسير الشيخ محمد على الصابوني، ورأي الدكتور الضبيب في تحقيق وتعليق الصابوني (ص 261، 256) حرص الملك عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه- على العثور على تفسير ابن تيمية (ص270) وص (272) إحاطة الملك عبدالعزيز بفوائد وموضوعات كتب العلم والدين ومثاله: الآداب لابن مفلح (ص 271) التحقيق في مسألة كتاب التفسير لابن تيمية وهل وضع كتاباً فيه وأول من فكر في تفسير ابن تيمية علامة العراق(الشيخ محمود شكري الألوسي) ثم التحقيق في الكتب التي تفسير ابن تيمية للقرآن الكريم (ص273) سمات تفسير الشيخ ابن سعدي كما حددها تلميذه الشيخ ابن عثيمين (ص 285)، وأقدم كتاب في المملكة وموضوعه غريب القرآن وإعرابه هو: (متشابه التنزيل) ومؤلفة مجهول (ص 303) اهتمام الملك عبدالعزيز بكتب الحديث وطبعة كتاب «المسند» لابن حنبل بتحقيق الشيخ أحمد محمد شاكر (ص309) ادعاء رجل في مصر أن الإمام الشافعي لم يؤلف كتاب الأم ورد الشيخ أحمد شاكر على هذا لادعاء (ص309) سمات تحقيق كتب الحديث والرجال عند المعلمي اليماني (ص218)، عدد المؤلفات التي نشرت وحققت في علم الحديث يبلغ (1017) مؤلفاً وعدد كتب رواية الحديث (298) كتاباً، وعلم دراية الحديث (113) مصنفاً (ص320، 322) كتب العقيدة سبقت جيوش المؤسس ورافقتها حيثما حلّت (ص358) لم يكن المذهب الحنبلي معروفاً في الأزهر (379-380).
صورة المذهب الحنبلي في عهد الشيخ عبدالقادر بدران الدمشقي وذلك عام 1338 حينما ألف عنه (380-381) أول كتب المذهب الحنبلي المغني لابن قدامه وشرحه وتحقيقه على يد الشيخ محمد رشيد رضا (384-385) أهم كتاب تراثي في النحو قبل العهد السعودي هو «تسهيل الفوائد وتكميل المقاصد» لابن مالك (ص437) أهم عمل لغوي تراثي هو» (تهذيب الصحاح) للزنجاني بتحقيق أحمد عبدالغفور وعبدالسلام هارون ثم الحديث عن مقدماته وتحقيقاته (438،444، 440، 441) المآخذ على تحقيق العطار لصحاح الجوهري مع جلالة قدرة وعمله فيه (ص445، 446) جهود د. حسن شاذلي فرهود في كتب التراث اللغوي (ص466) أهم مانشر من كتب التراث الأدبي قبل توحيد المملكة هو: (ديوان ابن المقرب) (ص501) أقسام حركة إحياء التراث الأدبي بعد توحيد المملكة هي قسمان - مرحلة الريادة ب. المرحلة المنهجية (ص405) شعراء ستة كان للجاسر الريادة في جمع أشعارهم على مستوى العالم العربي (511) جهود د. حسن باجودة في جمع ونشر الدواوين الشعرية (513) أهم المجلات العربية في نشر دواوين الشعر هي مجلة العرب، (0516) أهم كتب الشروح على شعر الشعراء (ص522) ثناء المؤلف على تحقيقات أ. رشدي الصالح ملحس (ص541) سمات تحقيق الشيخ محمد محي الدين عبدالحميد في غير كتب النحو العربي (553) نقد الجاسر لطبقات كتاب» وفاء الوفا بأخبار المصطفى للسهودي (ص553) النظر والنقد في تواريخ الجزيرة العربية (ص566-581-583-584-585-586-587-588) رأي الشيخ ابن خميس في كتاب لمع الشبهات في سيرة محمد بن عبدالوهاب (ص590) تعتبر كتب التراجم العامة من أكثر حقول التراث جذباً للمؤلفين والمحققين (ص600) أول من ألف في تراجم علماء اللغة المبرد والغلام وابن درستويه (ص618) أهم من كتب في جغرافية.
الجزيرة العربية ثلاثة وهم: رشدي ملحس، الجاسر وعبدالقدوس الأنصاري، ونشرت أبحاثهم في وقت مبتكر في كل من صحيفتيَ أم القرى وصوت الحجاز(ص626) رغبة رجالات الأدب العربي في تأليف كتاب عن جغرافية الجزيرة العربية ومواقعها، ورفعت هذه الرغبة للملك فيصل بن عبدالعزيز- رحمه الله فكلف محمد بن بلهيد حيث ألف (صحيح الأخبار عما في بلاد العرب من الآثار) ثم ألف كتابه الثاني (ما تقارب سماعه وتباينت أمكنته وبقاعه) ويعتبر ابن بليهد أول من نشر نصاً جغرافياً عن الجزيرة العربية (627، 628، 630) حديث المؤلف عن سمات تحقيق محمد بن بليهد لكتاب «صفة جزيرة العرب» للهمداني (ص630) رأي الشيخ في الجاسر الهمداني حينما يكتب خارج اليمن (ص632) أهم كتب الجاسر في جغرافية الجزيرة العربية، وأهم كتبه في الرحلات (636،634).
وبعد هذا الكتاب الرائد وقع في (648) ورقة من القطع الكبير، وهي تحفه علمية، وحلة بحثية في درس الحركة الإحيائية للتراث العربي بأصنافه وتفريعاته بين إهابي المملكة العربية السعودية، ركز فيه معالي الأستاذ الدكتور أحمد بن محمد الضبيب على آثار العلماء من باحثين ودارسين ومحققين في خدمة التراث السعودي القديم والنهوض به، وتميزت دراسية بروح العدل والإنصاف/ ووضع الجهود على ميزان النقد الهادف، وذكر الكتب ما لها وما عليها، وما كان وما يجب أن يكون هو ثبت علمي تراثي دقيق بما نشر في المملكة العربية السعودية.
قبل عهد المؤسس وبعده، وبما نشره المحققون السعوديون من نفيس المخطوطات، وعزيز المباحث والدراسات، كما أنه لم يبخس غير السعوديين من بحاثين وعلماء ومؤرخين حقهم، بل ذكر جهودهم وأشادبها والمح إليها، واعتمد في طرق هذه الفرائد حسب أوليتها وعمرها الزمني والقادح الأول لزنادها، وكل ضارب في الكتاب بسهم نافذ من شيوخ علم، ومريدي ثقافة وسدنه جامعات وأقطاب محافل علمية، حقاً هو عمل رائد تعجز عنه الهمم، وتكل عنه الطاقات غير أنه على قدر أهل العزم تأتي العزائم.
ولا أجد وصفاً أصف به هذا العمل الجليل إلا توصف الأديب عزيز ضياء لعلامة الجزيرة العربية وهمدانيها - حمد الجاسر - حينما أبدع في وصفه فكتب قائلاً(وهنا أحب أن أقف لحظات... لأعبر بكثير من العجز عن إعجابي وتقديري البالغين بالصديق العلامة حمد الجاسر ... الذي لا أجد وصفاً لما يتمتع به من خلق فاضل، وأريحية كريمة، ورجولة كاملة إلا بأنه (الرجل الرجل) الرجل الذي جعل كل فرد منا يشعر بأن الرجو له ليست صوتاً يصخب ولا صدراً يرتفع ويتيه ولا أوداجاً تنفخ وإنما هي البساطة لا التبسط والصدق لا التظاهرية، والنبل لا التنبل والفضل والمروءة يترقرقان ترقرق الماء النمير لينهل منه الجميع وليرتوي منه الظامئون إلى نمط في أخلاق الرجولة الفاضلة ربما كان نادر المثال في هذه الأيام).
** **
- تأليف/ معالي الدكتور الأديب أحمد بن محمد الضُبيب