بدأت حكايتي معه بعد زيارة خاطفة لعاصمتنا الحبيبة لحضور مناسبة سعيدة.. والتفكير بخيار العودة.. محاولاً الرجوع إلى القصيم من خلال سكة القطار التي لم أجد مقعداً شاغراً فيها بجميع الدرجات وكذلك بالخطوط السعودية.. فكان الخيار الأخير أمامي هو (حافلة النقل الجماعي).
تجربة لم تكن الأولى في الحياة فقد ركبت الباص قبل عقود إلى مكة المكرمة.. في محطة الرياض (للنقل الجماعي) بالعزيزية منظومة خلية عمل لا تهدأ لتوزع الركاب (ذهاباً) إلى مناطق المملكة وتستقبل القادمين من بوابة أخرى في صالات كبيرة وخدمات مساندة.. يُضعف تميزها قلة المشاركين بالخدمة وضعف الجودة في دورات المياه التي لا ترتقي للحضارية..ناهيك عن المصلى المتواضع.
بعد حجز التذكرة إلكترونياً وطبعها ورقياً أرشدنا الموظف الشاب الذي أمضى بخدمة الشركة أكثر من عقدين من الزمن أن البوابة رقم (ثمانية) هي مخصصة للمسافرين للقصيم (ومحافظاته) وسط زحام كبير ودعني صديقي أبا وليد عند تلك البوابة التي شهدت انتظاماً غير حضاري في طابور الصف..وتم فحص كل تذكرة إلكترونياً وولج الجميع إلى البا ص المخصص متفائلين برحلة سعيدة.
قائد الرحلة في كل وسائل النقل (الجوية والبحرية و البرية) بعد الله مصدر اطمئنان لكل مسافر..عرفت أن قائد الرحلة رجل اسمه (إسحاق إبراهيم) تنزاني الجنسية..وكنت أحمل فكرة سلبية عن السائقين وتهورهم أو إهمالهم لحالة الركاب والبيئة داخل الحافلة.. تلك الرحلة التي موعدها الساعة الثامنة والنصف لم تتحرك من تلك المحطة إلا قرب الساعة التاسعة وهي تلك الفترة التي تشهد كثافة مرورية عالية داخل الرياض.
انطلق بنا بحذر شديد وسط الزحام (المروري) الذي آمل أن يعالج غيابه وتقصيره (بالمترو) واصلت الحافلة عبورها بكل هدوء ونحن نستمتع بعظمة تلك العاصمة العمرانية والحضارية وعلى مشارف الساعة (العاشرة) ودعنا العمران.. إلى طريق (القصيم) منطقة الخير والنماء..في محافظة المجمعة توقفت الرحلة لراحة قصيرة وتأخر أحد الركاب عن العودة.. وكان هذا القائد (إسحاق) قلقاً عليه وأخّرَ الرحلة للاطمئنان عليه وكان في كل توقف يقوم بالتأكد من عدد الركاب بكل جدية.. ويذكرني بالرحلات المدرسية.. عرفت خلالها أنني أمام قائد مركبة يحمل هم المسؤولية.
وفي موقف إيجابي آخر وبعد وقفة قصيرة في محطة بريدة شعر أن هناك راكباً مارس التدخين في حمام الحافلة هنا توقف مدة ليست بالقصيرة على جانب الطريق وقرأت في وجهه القلق على بيئة الحافلة رغم أنه لم يكن ملفتاً للنظر مخاطباً مرجعه الذي أشعر دورية الأمن وحضرت وأعطت توعية قصيرة لهذا الراكب وأبدى اعتذاره.
على هامش هذه الرحلة البرية.. آمل أن يفك احتكار النقل البري بالداخل على أكثر من (ناقل) حتى تكون الخيارات مفتوحة والأسعار تنافسية والخدمات أميز.. كما أتطلع من شركة النقل (سباتكو) تقييم قادة المركبات عن طريق رسائل للركاب.. وإدخال خدمة النت مجانياً ليستمتع بها الراكب خاصة بالرحلات الطويلة.