من محاسن الصدف الجميلة والمميزة أني حضرت صلاة الجمعة في جامع حرمة التأريخي بعد استئناف الصلاة فيه رسمياً من قبل وزارة الشؤون الإسلامية.. وذلك يوم الجمعة الموافق 26-7-1444هـ.
وأثناء انتظارنا دخول الإمام سلم عليّ رجل مهيب السمت يكسوه الهدوء والوقار وهو ويقول مسترجعاً أيام صباه في هذا المكان: كنا نصلي الجمعة أيام الأمير بن فارس (من أهل العطار ثم سكن الدرعية) ونجلس في السرحة حيث إن الجامع ممتلئ ونراه كبيرا جداً وضخما وبعد الصلاة يذهب الأمير ومن معه للقهوة في بيت حمد آل بن حسن والد عثمان (وكان رجلاً ورعاً سخياً كريم النفس حريصا على اصطحاب أبنائه إلى الصلاة في الجامع) وذلك قبل ما يقارب 60-70 عاما تقريباً. وعلمت فيما بعد أن هذا الشخص هو المستشار الإداري والمالي الأستاذ عبدالكريم التركي (أبا إبراهيم).
وقد لفت نظري لهذا الإرث التأريخي الذي اهتم به أهل حرمة وعرفوا قيمته وقدره وعمره العتيق... حيث تم ترميمه قبل 98 عاماً من قبل أهالي حرمة أو ما يسمونهم في ذلك الزمان الجماعة ويذكرون منهم: عثمان بن سليمان وأهالي حرمة.
ويعد ثاني أقدم جامع في اقليم سدير بعد جامع التويم الذي يعد الأقدم.. وكذلك تم ترميمه الأخير من قبل أسرة العقيل الكرام...
ويذكر أهل العرف وحسب ما توارد من أخبار أنه تأسس مع تأسيس مدينة حرمة بمنطقة سدير في عام 770 هـ، عندما عمرها إبراهيم بن حسين بن مدلج الحسني الوائلي العنزي، حيث ارتحل إبراهيم من التويم إلى موضع حَرمَة الحالي وهي مياه وآثار ومنازل مندثرة عن بني سعد بن عائذ وقد تعطلت فنزلها إبراهيم وعمرها وغرسها هو وبنوه أي في القرن السابع الهجري.
ومن أئمة المسجد ومؤذنيه هم:
1- الإمام الشيخ ناصر بن عبدالله الضاوي رحمه الله ما يقرب من أربعين عاماً.
2- المؤذن الشيخ محمد بن سليمان الزازان رحمه الله.
3- المؤذن الشيخ أحمد العسعوس رحمه الله.
علما بأن آخر مؤذن هو الشيخ الزازان وتوفي رحمه الله بعد الشيخ ناصر الضاوي بيومين رحمهم الله جميعا.
وحالياً الإمام والخطيب أ/ تركي بن عبدالرحمن التركي.
والمؤذن الشاب/ أحمد بن إبراهيم التركي.
ويتكون الجامع من: المصلى الرئيس الذي ما زال يحتفظ بملامحه العتيقة من المحراب المجوف باتجاه القبلة بعتباته الثلاث الصغيرة والكوة الشرقية ومكان نافذة السماع للنساء وسقفه الخشبي المحبوك من جريد النخل وجذوع الاثل والأعمدة الاسطوانية المجصصة الباسقة السمو - السرحة التي تفيض شراحة كوجوه أهالي هذه البلدة الوادعة- الخلوة المنخفضة عن مستوى الجامع بدرجتين والمشعة نورا ودفئاً- الميضأة وبها بئر لاستخراج الماء وحوض الوضوء - وتلك المئذنة التي تقف راسخة الشموخ.. وملحق بالمسجد مدرسة «كتاتيب». وللمسجد وقف عبارة عن نخلة.. لتجسد هذه التفاصيل دقة وتميز وعراقة العمارة النجدية المتفردة الجمال.وليس بمستغرب هذا الاهتمام الفطري من أهالي مدينة حرمة لاسيما أن ولي العهد المفدى قد تبنى مشروع إعادة وتأهيل المساجد التأريخية في المملكة العربية السعودية لتأكيد أصالة هذا الكيان العتيد والحفاظ على إرثه وتاريخه، وقد يكون من المناسب والاستحقاق التأريخي ومن مبدأ توثيق إرث وتراث ومعالم هذه الأرض المباركة أن يتم بناء نصب يجسد تأسيس هذا المعلم التأريخي الحيوي وسنة بناءة، فما زال يؤدي دوره بإقامة شعيرة الصلوات الخمس وصلاة الجمعة فهذا مما يميز هذا المعلم التأريخي ليحظى بمزيد اهتمام وعناية من الشؤون الإسلامية ممثلةً بإدارة المساجد وكذلك هيئة التراث لتسجيله والاستفاضة بكتابة تفاصيل عمارة بنائه النجدي وتوثيق توالي عمارته الحسية من أئمة ومؤذنين، وهذا أبسط ما يكون في حق أولئك الرجال الذين أسسوا منارة من منارات التوحيد.. رحمهم الله وغفر لهم، وحفظ بلادنا وولاة أمرنا من كل سوء آمين.
** **
sh1ksa@yahoo.com