د. زايد الحارثي
استكمالاً للحديث عن المسؤولية المجتمعية في مكافحة المخدرات في المقال السابق أجد من الضرورة التفصيل في بعض آليات وبرامج العمل المجتمعي الذي يجب أن يتواكب مع جهود الدولة وحملتها القوية التي تبني رفع رايتها وتوجيه وتسخير الإمكانات للقطاعات المختصة وعلى رأسها وزارة الداخلية لاتخاذ كافة التدابير لمحاربة المخدرات في بلدنا حفظها الله سمو ولي العهد حفظه الله الأمير محمد بن سلمان وبخاصة وقد تضاعفت كمية المضبوطات ومما يهرب من الخارج عبر المنافذ المختلفة تربصاً وحقداً بهذا البلد ومواطنيه والمقيمين فيه حيث يرصد ويضبط شبه يومي كميات هائلة من الحبوب المخدرة بأنواعها وأشكالها المختلفة والحمد لله أن وعي الجهات المسؤولة والتنفيذ لها بالمرصاد وسوف يأتي اليوم القريب الذي تتقلص هذه المهربات والمضبوطات إلى شبه العدم بفضل الله ثم بفضل الجهود المبذولة والرقابة الواعية المسؤولة فضلاً عن الأحكام والعقوبات الصادره بحقها.
ولكن السؤال الذي يتبادر تلقائياً هو هل يعني ذلك أن هذه الإجراءات والجهود كافية للحد من تعاطي وترويج والمتاجرة بالمخدرات في المجتمع؟ ويجب قبل ذلك أن نقر بحقيقة وهي أن جهود وسياسات الدول وإمكاناتها لاتكفي لمحاربه الفساد أو الظواهر السلبية المدمرة للمجتمع فإن المجتمع والوطن الذي يكون الجزء الهام والمستهدف في مثل هذه الآفات هم المواطنون والمقيمون فإن لم يعوا بدورهم ويتحملوا المسؤولية تجاه أنفسهم ومن لهم عليهم الولاية فسوف تستمر الظواهر والآفات مستشرية وأقول ذلك حينما نعلم أن كثيراً من المخدرات وأنواعها تصنع محلياً مع الأسف مثل الشبو سواء كانت من خلال ضعاف النفوس أو المعادين للمجتمع. وليس المجال هنا للحديث عن الآثار المدمرة للمخدرات على النفس والمجتمع والأخلاق والاقتصاد والإنتاج والتنمية فهي ثابتة ومعروفة ولكن المقصود هو ما هي الجهات أو المؤسسات الواجب منها أن تتحمل مسؤولية إكمال جهود الدولة وإنجاحها في القضاء علي هذه الآفة المدمرة؟
إن مؤسسات المجتمع المدني المتمثلة في الجمعيات الخيرية والتطوعية والشركات ومسؤولياتها الوطنية يحب أن تنهض بشكل مباشر ومنسق ولائق مع جهود الدولة في المجال. والجامعات بما تحويه من برامج ومراكز أبحاث وكراسي علمية وأساتذة بحب أن تجعل موضوع مكافحة المخدرات أولوية في سياساتها وبرامجها ويتماشى مع ذلك التعليم العام والمدارس والمعلمون عليهم أن يسهموا بدورهم التوعوي المخطط له والمنسجم مع حجم الطاهرة وخطورتها ويتماشى مع هذه الجهات وتأثيرها وسائل الإعلام والإعلام الحديث مثل وسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص والمؤثرون الذين يغلب على الكثير منهم الاهتمام بجمع المال وعدم تخصيص جزء من محتوياتهم المساهمة محاربة المخدرات باعتبارها قضية وطنية ومسؤولية دينية وأخلاقية إلا القليل منهم وخاصة وقد أصبحوا اليوم يقودون السوق الاستهلاكي بإعلاناتهم وما يتبعهم من ملايين المشاركين والمشاهدين وحين ينهض مثل هؤلاء والمؤسسات التربوية والتعليمية بدورهم سوف تتكلل الجهود الرسمية بنحاح لمحاربة المخدرات وغيرها من الظواهر السلبية، وأختتم بشعار خادم الحرمين وسمو ولي العهد حفظهم الله الإنسان أولاً.