خالد بن حمد المالك
في موضوع السودان لا ينبغي إغفال أن وراء ما يجري من مواجهات عسكرية دموية مؤامرة خارجية، وأن ما يحدث الآن هو من شرّ أعمال العدو أو الأعداء باستثمار المناخ السوداني القابل لاحتضان هذا الانفجار.
* *
وإذا كان بعضنا لم يسقط من ذهنه وتحليله وقراءته احتمال المؤامرة، فينبغي أيضاً التأمّل والتفكير حول أبعاد هذه المؤامرة - المحتملة!!- ومن أنها ستتجاوز السودان إلى دول أخرى في المنطقة.
* *
فالخلل الأمني في السودان لن تقتصر آثاره المدمرة على تقويض هذه الدولة، وجرّها إلى فوضى وحرب أهلية، وزرع الفتنة بين الناس، وجعلها عاجزة عن لملمة جراحها، وإيقاف نزيف الدم، والعودة إلى الأمن والاستقرار، وإنما سيمتد هذا الأثر الدامي إلى دول أخرى في إفريقيا والمنطقة.
* *
هذا ما نقوله، وهي استنتاجات قد تُصيب وقد تُخطئ، ولكنها في كل الأحوال تلامس شهية الدولة أو الدول التي لا يهنأ لها بال حتى ترى نفس الوضع في عدد من الدول كما هو الآن في السودان، وكما كان من قبل في سوريا وليبيا واليمن ولبنان وتونس والعراق، والمؤامرات ستظل مستمرة ومتواصلة.
* *
هنا يجب على السودانيين أن يفوّتوا الفرصة على أعدائهم، ولا يستجيبون لأي دعم عسكري قد يأتيهم من الخارج، فالهدف معروف، والنوايا السيئة مكشوفة، ومصلحة السودان أن يضع السلاح جانباً، ويتوجه نحو المصالحة والحوار، والتعامل والتفاهم بالتي هي أحسن، دفعاً للشر، والتوقف عن القتل، وتدمير البلاد.
* *
هناك دول شقيقة تحب السودان والسودانيين، وتتعاطف معهم، وتتفهم أوضاعهم، وتتعامل مع الجميع على مسافة واحدة، ويهمها استقرار السودان، وتحرص على أمنه، وأن يكون في حالة سلم دائم، وليس لها فيه أطماع، هذه الدول - وعلى رأسها المملكة - هي من يُعتَمدُ عليها، ويُعتدُّ بها، ويُطْمَأَنُّ إليها لتطويق هذه الحرب المدمرة.
* *
السودان الآن في حالة أن يكون أو لا يكون، ومسؤولية الجيش وقوات الدعم السريع، أن يصلا إلى تفاهم يبقى على وحدة السودان بجيش واحد، بصرف النظر عن مَن يقود هذا الجيش، ومن يكون مسؤولاً عنه، وأن تعاد تشكيلات الجيش وفق الدمج الضروري لحقن الدماء ليس الآن فقط وإنما في المستقبل القريب والبعيد.
* *
ووجود تشكيلين عسكريين أحدهما بمسمى الجيش والآخر بمسمى قوات الدعم السريع، هو اختراع يضر بالقوات المسلحة في السودان أكثر مما يفيدها، والدليل ما نراه الآن من قتال بين الطرفين، بل إن الأسوأ فيما لو كانت هناك تدخلات خارجية في دعم هذا الطرف أو ذاك، ويزداد الأمر سوءاً لو اضطرت القبائل والتنظيمات الحزبية لتكون جزءاً من هذه الحرب.
* *
وما يجب أن يقال للسودانيين، وما ينبغي أن يفهمه إخواننا في السودان، أن استمرار الحرب يعني المزيد من الخسائر، والمزيد من سفك الدماء، والانهيار الاقتصادي، والهجرة إلى البلاد البعيدة والقريبة، وتحويل السودان إلى دولة فاشلة، وهذا الوضع يجب أن لا يغيب عن الأذهان.