سمر المقرن
لا يفوتني أبداً، الاطلاع على تقرير (رويترز) الذي ينشره سنوياً معهد رويترز لدراسة الصحافة، حيث يضع التقرير تنبؤاته حول اتجاهات الصحافة في كل عام. قرأت التقرير كاملاً المكوّن من 48 صفحة، استطلع فيه معهد رويترز آراء 303 من قادة الأخبار، من 53 دولة. وذلك بهدف الوصول إلى اتجاهات صناعة الصحافة والهدف الاستراتيجي والرقمي للعام 2023م، وجاء العامل المشترك في المشكلة الأساسية التي تواجه الصحافة هو انخفاض حجم الإعلانات التي تُعتبر الممول الرئيسي للصحافة، مع ارتفاع التكاليف ما أدى إلى تسريح عدد كبير من العاملين في وسائل الإعلام، وتجميد الإنفاق، وغيرها من تدابير خفض التكاليف.
في ذات الوارد، هناك أمور مهمة عايشناها كعاملين في المجال الصحافي وأشار لها كذلك تقرير رويترز، وهي الإشارة إلى ذروة الإنترنت، وفي الوقت ذاته أقولها بصدق، إن الأخبار المتناثرة هنا وهناك لا يُمكن الوثوق بها إن لم تكن صادرة عن جهات موثوقة، مع العلم أننا بدأنا نرى أخباراً كثيرة تدعي وتنتحل صفة الجهات التي نثق بها، وهي لا تعدو عن كونها شائعات، ما يعني أنه ما زال هناك من لا يتعامل مع مثل هذه الأخبار والتقارير والفيديوهات وأن الثقة أولاً وأخيراً في الجهات الصحافية الموثوقة، وأن ضعف هذه الوسائل الإعلامية بسبب الإفلاس المادي، يعني إعطاء مساحة أكبر لمن يحاول التلاعب بالمحتوى الذي يصل إلى الناس, أما فيما أورده التقرير فمن الجيد أن هناك فئة «واعية» من الناس لديها الشعور بأن التغطيات المتناثرة عبر فضاء الإنترنت والتي لا تعود إلى جهات موثوقة يصعب الوثوق بها، وهذا الأمر كما جاء على لسان قادة الأخبار المشاركين في التقرير يُشعرهم بالعجز. وأنا هنا لا ألومهم فأنا واحدة منهم تراودني هذه المشاعر من وقت لآخر.
مهم جداً، الإشارة إلى أننا في عام (الذكاء الاصطناعي) وكما ذكر التقرير أن هناك شركات إعلامية تقوم بدمجه في منتجاتها كوسيلة لتقديم تجارب متخصصة أكثر، وهذا النظام بدأ سارياً في عدد من الوسائل الإعلامية، بينما هناك وسائل إعلامية ما زالت في طور التجريب. وسؤالي هنا: هل صحافتنا بدأت تستوعب هذه التغيرات التقنية أم ما زالت تحبو في انتظار الدعم الرسمي؟
وليس ببعيد عن هذا كله، في إن المؤلم في كل ما يحدث، هو العاملون في مجال الصحافة، الذين ينتظرون راتب «شهر» خلال عام كامل, وأن هناك منهم من يعيش في حالة فقر وعوز وحاجة بعد أن فقدوا مصدر دخلهم الوحيد, وأظن أن هذه الأوضاع لا ينبغي تجاهلها أو السكوت عنها، فعلى الأقل على هيئة الصحفيين أن تتصرف، ولو بوضع صندوق طوارئ لمساعدة هؤلاء الذين ضاعوا بين طوفان الإعلام الحديث.