دهام بن عواد الدهام
بين الفينة والأخرى تسعدنا بيانات الأجهزة المختصة بالإعلان عن الكشف والقبض عن شحنات من المخدرات كانت بطريقها للمملكة ومن دول مجاورة يتذاكى مروجوها بطرق التهريب لكن عيون الوطن لهم بالمرصاد. وإن كانت تشير أغلب تلك البيانات أن هذه الشحنات قادمة من دول معروفة كما تنشط أجهزة مكافح المخدرات بالمملكة داخلياً في تعقب والقبض على مهربي ومروجي المخدرات بأنواعها، وتكافح بقوة مع الأجهزة الأخرى، كما تم خلال الأيام الماضية القبض على مقيمين يروجون لمادة الميثامفيتامين المخدر (الشبو)، هذه المادة الفتاكة والخطرة جداً على مستقبل وحياة متعاطيها.
لنكن جسداً واحداً مع حملة الأجهزة الأمنية لتعقب هؤلاء المجرمين بحق شبابنا وشاباتنا في هذا الوطن العزيز. أجهزة مكافحة المخدرات بالمملكة تقوم بعمل جبار وبجهود مشتركة مع الجمارك السعودية والأجهزة الأمنية الأخرى، وعمل المديرية العامة لمكافحة المخدرات ليس وليد اليوم ومن خلال اتفاقات وبروتوكولات ثنائية، والتعاون والتنسيق من خلال المكتب العربي لشؤون المخدرات التابع لجامعة الدول العربية، ومن خلال مشروع الاستراتيجية العربية لمكافحة استعمال المخدرات والمؤثرات النفسية، إضافة إلى ما سنته الدولة (أعزها الله) من عقوبات صارمة على تجارة المخدرات والترويج لها.
تنشط إدارة مكافحة المخدرات بالتوعية عن الآثار الخطرة لهذه الآفة على الأفراد والأسرة والمجتمع ومما يفرح ما نشاهده من حملات أمنية مكثفة في جميع مناطق المملكة يقوم بها رجال مكافحة المخدرات ومع كافة الأجهزة الأمنية هذه الجهود تذكر وتشكر وداعمها الرئيسي للنجاح هو المواطن بالدرجة الأولى لوضع يد بيد مع هذه الأجهزة للتعاون للانتصار هذه (الحرب).
سبق لي أن تابعت حديثاً لإعلامي عربي على قناته في اليوتيوب والتي أوضح فيها بالاسم دولاً ذات علاقة بهذه التجارة، أيقنت وزادت قناعتي أن بلادي على وجه الخصوص تواجه حرباً من نوع آخر، حرب تهدف إلى القضاء على المجتمع من خلال القضاء على قدرة شبابه ودفعهم إلى الانغماس في هذه المخدرات والتي تحطم الأسرة التي هي نواة المجتمع حين تشل قدرات شبابها على العمل الصالح والإنتاج المفيد تتزامن هذه الأهداف الخبيثة (مع ما يدور في خفايا المنظمات السرية من القضاء على مكونات الأسرة التي هي نواة المجتمع، وبالتالي قوة الدول، في تشجيع وسن الأنظمة والقانونين التي تدعم المثلية الجنسية في تحد صارخ للطبيعة البشرية التي وضعها الله سبحانه وتعالى في الإنسان لعمارة هذه الأرض) ومن خلال ما ذكره التقرير، تصنع المخدرات وتصدر إلى بلد مجاور أو عبر بلد مجاور آخر إلى دول الخليج العربية والمملكة بالذات أو أن تصدر إلى أوروبا ومن ثم محاولة إدخالها للمملكة تحت أي غطاء.
أرى وبشكل شخصي أن هذه حرب معلنة يجب أن تواجه بحزم فهي اعتداء على الدولة (مجموعة الأفراد)، ومفهوم الاعتداء ليس هو الاعتداء العسكري فقط، تحتفظ الدولة المعتدى عليها بحق الرد وفقاً لميثاق الأمم المتحدة، المؤكد ابتداءً أن القانون الدولي يكرّس حق الدفاع الشرعي في العديد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية أبرزها ميثاق الأمم المتحدة الذي يخوّل في مادته 51 للدول الأعضاء اللجوء لحق الدفاع الشرعي عن النفس في مواجهة عدوان تتعرض له إلى أن يتخذ مجلس الأمن التدابير اللازمة لحفظ السلم والأمن الدولي.. وجوهر الاعتداء هو الفعل غير المشروع أياً كان شكله مسلحاً أو غير مسلح طالما أنه يمثل ضرراً وجودياً بدولة أخرى أو ينطوي على خطر هذا الإضرار، ورغم كل الأنظمة والجهود المبذولة لمكافحة المخدرات التي تقوم بها المملكة وبالتعاون على المستوى الإقليمي والدولي إلا أن واقع بعض الدول إن لم تكن تعلم فهي لم تقم بما يكفي للقضاء على تصنيع وتجارة وتصدير هذه الآفة، لعدم وجود القوة الردعية التي تجبر هذه الدول التي تصنع وتنتج فيها هذه المخدرات وتحمي (في بعض الدول) منتجيها على تنفيذ هذه القرارات. وانطلاقاً من حق الدفاع عن النفس (المتمثل بحياة المجتمع الذي تتألف منه الدولة) فإنني أرى أن القيام بجهد ما للقضاء على هذه الأوكار أمر مشروع عطفاً على الأضرار التي سببتها وتسببها، ما دام المجتمع الدولي (كهيئات) ليس فاعلاً في القضاء على هذه التجارة بالقدر والقوة الكافية وضعف الاهتمام بمسألة خطر المخدرات مقارنة باهتمامها بموضوع المثلية الجنسية وحقوق المثليين (قامت لجنة المخدرات في الأمم المتحدة بإصدار قرار بسحب نبتة (المروانا) والحشيش من لائحة المخدرات الخطرة، مما يدلل على ضعف الموقف الدولي تجاه قضية المخدرات ومحاربتها ومع الأسف إضافة إلى ما تقوم به بعض الدول من سن أنظمتها المحلية بتقنين واستخدام هذه المخدرات، ما هو مطلوب من المجتمع الدولي.. الصحوة على خطر المخدرات واتخاذ القرارات يتبعها قوة التنفيذ المؤدية إلى تدمير أي مصدر يشارك أو يعمل على إنتاج هذه المواد وتوزيعها وتصديرها وفرض عقوبات على الدول والجماعات الراعية ولتتحمل أي جهة تتهاون وتغض الطرف عن وجود هذه العصابات على أراضيها مسؤولياتها.
إنني على يقين تام بأن قيادة بلادي - أيدها الله - تدرك ونحن بزمن الحسم والعزم كل ما من شأنه الإضرار بالوطن وتعمل ليل نهار على حمايته من كل من أراد به سوء، إضافة إلى الجهود الكبيرة على المستوى الإقليمي والدولي التي تقوم بها المملكة لرأب الصدع في العلاقات البينية على المستوى الإقليمي والدولي ولعل في هذه الخطوات ما يمكن أن يساعد على التعاون للقضاء على هذه التجارة الملعونة.
وعلى المستوى الداخلي وتزامناً مع جهود مكافحة المخدرات برعاية وتوجيهات سمو ولي العهد - حفظه الله - يبقى علينا كأفراد ومجتمع، إمارات ومحافظات، مدارس وجامعات، علماء ودعاة، أسر وشيوخ قبائل، أندية وجمعيات، رواد وسائل التواصل الاجتماعي، مسؤولية دعم هذه الحملة بكل قوة وعدم التهاون في محاربة كل من له علاقة بهذه الآفة، وأهيب بكل الأجهزة المسؤولة عن مشاهير السوشيل ميديا موثوق أو غير موثوق بالزام هذه الحسابات بالمشاركة في هذه الحملة ودعم جهود الأجهزة والقطاعات الأمنية المكلفة بها وإيقاف أي حساب لا يمتثل للمشاركة الإيجابية بهذه الحملة.
قبل الختام..
إلى فضيلة معالي وزير الشؤون الإسلامية.. نقدر لمعاليكم مسايرة الرؤية المباركة ودور معاليكم في تأطير العمل الإسلامي بما يخدم هذه الرؤية وفقاً للضوابط الإسلامية الحقة وخاصة دور المساجد في خدمة المسلك السليم، لعلي استأذن معاليكم هذا الاقتراح: التنسيق مع الإدارة العامة لمكافحة المخدرات لاختيار متحدثين من المختصين سواء من مكافحة المخدرات أو من خارجها للتحدث ولو لدقائق معدودة مع خطباء الجمع للإيضاح وبالأرقام حجم هذه التجارة وضحاياها من الأفراد والأسر لما في هذا الأسلوب من وقع إيجابي على المتلقي، هذا الدور لا يقلل من الهدف والدور الأساسي لخطب الجمع في التوعية بالمسائل الدينية فهي وسيلة أيضاً لطرح ما يهم المجتمع وفقاً للضوابط والمنهج الصحيح.
حفظ الله هذه البلاد وشبابها ومجتمعها في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وسمو ولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، من هذه العصابات وتجارتها.