علي الخزيم
تتضافر جهود المملكة ممثلة بوزارة البيئة والمياه والزراعة مع الجهود العالمية الرامية لزيادة الاهتمام بنبات الدخن والتوسع بزراعته وتطويره للإسهام بتعزيز الأمن الغذائي ودعم التنمية الزراعية المستدامة، ولمواجهة التحديات العالمية المتعلقة بسلاسل إمداد الحبوب، حيث تُولِي الوزارة الاهتمام بتطوير زراعة الدخن ووسائل حصاده وتعزيز صناعاته التحويلية مستخدمة أحدث الإمكانات التقنية إضافة إلى زيادة الرقعة الزراعية والتركيز على أجود الأصناف، ومن الأسباب الداعية للاتجاه لتطوير وتنمية هذا المحصول قيمته الغذائية العالية؛ كما أنه ملائم جداً وقابل للتوسع بزراعته إذ يمتاز بتحمل الظروف المناخية القاسية ويسهم بتحسين التربة والنظم البيئية وتعزيز التنوع البيئي، ولتأكيد القيم والفوائد الغذائية الصحية له؛ فقد شاركت الوزارة مؤخراً باحتفالية إطلاق العام الدولي بإعلان الجمعية العامة للأمم المتحدة 2023 عاماً دولياً للدخن بشعار (إرث غني لطاقة كاملة)؛ وذلك لإبراز ميزاته ورفع مستويات الوعي بأهميته وحث متخذي القرار لاعتماد إجراءات بناءة لتعميم منافعه الغذائية الصحية.
وقد سجلت خمس مناطق بمملكتنا الغالية سبقاً ملحوظاً بزراعة حبوب الدخن حيث يزرع بمساحات واسعة غرب وجنوب غرب المملكة بالمنطقة الممتدة من المدينة المنورة شمالاً حتى الحدود الجنوبية جنوباً؛ وتحديداً بالمدينة المنورة ومكة المكرمة والباحة وعسير وجازان، وقد عرف سكان هذه المناطق قبل غيرهم ما للدخن من فوائد غذائية صحية جَمَّة، وأدركوا منذ القدم أن الدخن يحتوي على العديد من العناصر الغذائية المفيدة للجسم، لغناه بالمغذيات المحافظة على صحة القلب وخفض الكولسترول وتقليل الإصابة بالدم السكري، ويعمل على تحسين وظائف الجهاز الهضمي والكبد والكلى ويحارب فقر الدم، كما أنه غني جداً بالألياف الغذائية والفيتامينات والمعادن، ويُدخل المواطنون بعدد من مناطق المملكة هذا المحصول إلى المأكولات والوجبات الشعبية المتنوعة التي تتميز بمذاقها الرائع وفوائدها الغذائية العالية، ويعزز هذه الآراء ما أدلت به هيئة الغذاء والدواء عبر حساباتها على وسائل التواصل الاجتماعي حيث أكدت مؤخراً على أهمية نبات الدخن للاستهلاك الغذائي الصحي لاحتوائه على ِقيَم غذائية عالية وخلوه من (مادة الغلوتين) ما يجعله مناسباً لمن يعاني من حساسية القمح، كما أشارت إلى أنه يُعد مصدراً للمعادن والألياف الغذائية ومضادات الأكسدة والبروتينات والحديد.
ويلفت الانتباه ما لأهل منطقة جازان جنوب المملكة من مراسم احتفالية وفعاليات نشطة محببة مع موسم زراعة بذور الدخن أو ما يسمونه (النديل)؛ وهي عملية هندسية منتظمة يتعلمها الشباب من الكبار فتوارثوها إلى الآن، وتسهم عوامل التربة الطينية أو الصفراء واعتدال الأجواء بتسهيل زراعته ونموه نمواً جيداً وغزيراً، وبلغت أهمية المنتج لديهم إلى اعتماد العمل الجماعي لسكان المحافظات الساحلية بالمنطقة الرجال والنساء والأطفال كل بدوره، فبات الدخن من أهم المحاصيل التي يعتني بها الجازانيون ويعتمدون عليها لتوفير الغذاء منذ مئات السنين، وتبدع نساء المنطقة بإعداد أصناف من الوجبات الخفيفة والرئيسة مكونها الأساس الدخن البلدي، وبعد: فإنه من المؤمل من المزارعين والمستثمرين بصناعة الأغذية التعاون مع جهود الدولة بهذا الشأن، وإدخال هذه المادة الزراعية الحيوية على أطعمة الأطفال والطلاب وبمطاعم الوجبات الخفيفة ونحوها.