أحمد المغلوث
لا يختلف اثنان على أهمية التطلع للمستقبل بصورة دائمة في مختلف المجالات وبالتالي الحاضر سوف يمضي كما هو معيش مع توثيق كل نشاط وفعالية في بلادنا وغير بلادنا. ومن هنا باتت أهمية العمل لا للحاضر فحسب وإنما للمستقبل وهاذا ما توجهت إليه رؤية الوطن بصورة فاعلة كما نرى ذلك واضحا في مختلف برامج مختلف القطاعات ونخص بالذكر هنا برامج وزارة الثقافة ومعهد مسك للفنون وكلاهما اهتم ضمن برامجهما وخططهما ونشاطاتهما المتعددة والتي باتت تتوالد يوما بعد يوم بأفكار ومحتويات تجسد التاريخ والموروث عبر منظور معاصر ومشبع بالأمل والتفاؤل في عطاءات تواكب العصر وهي تنظر للمستقبل وما يحمله من كل جديد وفريد. والمتابع لما يحدث في مختلف مجالات الفنون وعلى الأخص الفنون البصرية نجد أن هناك سباقا محموما بين مختلف الأساليب وتطورا مدهشا ينحاز للمتلقي الذي والحق يقال أذهله ما يعرض هنا أو هناك من أعمال حديثة بها الكثير من الجرأة وتجاوز المعقول وتخطي الممنوع فالذي كان لا يسمح بعرضه فيما مضى من زمن نجده الآن معروضا ولافتا للنظر وبفخر واعتزاز، بل أفردت له مساحات واسعة في أماكن العرض حاملة الكثير من المعاني والتعابير التي تطرح العديد من التساؤلات المختلفة التي تقفز بالذائقة إلى آفاق رحبة فيها ما فيها من العجب والدهشة وحتى الاستغراب ولا شك أن فننا التشكيلي اليوم بات منحازا للمستقبل المشرق وبالتالي جعل البعض من الفنانين والفنانات راحوا يعيدين حساباتهم فيما يقدمونه لجماهيرهم وذلك من خلال تنفيذ أعمال سواء أكانت لوحات أم منحوتات أو أعمالا مفاهيمية. وإذا كان الفن التشكيلي ومنذ البدايات في العالم خصوصا في القرون الوسطى كان يعتمد على الاهتمام والتركيز على دراسة التشريح وبصورة دقيقة وفي مختلف الأعمال من رسم أو نحت نجد أن هذا العصر ابتعد فيه من يمارس العملية الفنية وعدم الالتزام بالمعايير والمقاسات الأكاديمية التي كانت تدرس في مختلف الكليات والمعاهد الفنية، بل باتت أعمالهم تباع بالملايين. والحق أن مؤسسة مسك الخيرية وما تقوم به من دعم لافت من خلال معهد مسك للفنون استطاعت أن تفتح مجالا واسعا أمام المحترفين والموهوبين بتنظيم العديد من الدورات والمشاركات في الداخل والخارج فراح يدعو من لديه الرغبة في المشاركة في معارضه العامة والخاصة. بل إنه عمل على تسهيل وتهيئة كل ما من شأنه خدمة أهداف المعهد الموقر ورحبت بأصحاب الخبرة والواد والمحترفين في مجال الابداع الفني السعودي وكل ما له علاقة بالإبداع في هذا المجال الواسع. ولا يمكن أن ننسى أو نتناسى ما قام به الفنان الفطري القديم في بلادنا وغير بلادنا والتي وثقها في رسومه في الكهوف أو جدران الجبال أو حتى أعمال معمارية عظيمة كما في العلا. كل هذا وذاك ساهم في إثراء العملية الإبداعية في وطننا الكبير. ومتاحفنا يوجد فيها نماذج وصور لهذا الإبداع المبهر. بل حتى متاحف العالم تقتني الكثير من الأعمال الحرفية والتي تشكل في نفس الوقت امتدادا للفنان المسلم الذي شارك في إثراء الحضارة الإسلامية حيث استلهم العديد من الفنانين في الغرب وحتى الشرق الابداع العربي والإسلامي وبالتالي وظفوه في الكثير من أعمالهم الفنية والمعمارية. ويشاهد أثر ذلك في عمارة الكنائس والقصور من أقواس وأبواب وزخارف ونقوش كل ذلك يشكل ثروة وتميز للإبداع العربي والإسلامي على مر التاريخ. ويجدر بنا أن نشير إلى جماليات الخطوط العربية وما فيها من سحر جمالي تم توظيفه في مختلف الأعمال والمنتجات.
وأخيراً شكراً لكل من وزارة الثقافة ومؤسسة مسك الخيرية ومعهد مسك للفنون ولكل من يقف خلف الدعم الكبير لفننا التشكيلي الذي يعيش تفاؤلا بمستقبل مشرق بالإبداع شكراً وطني.