د.عبدالحفيظ عبدالرحيم محبوب
ارتفع الناتج العربي 22 في المائة في 2022 ليبلغ 3.51 تريليون دولار مقابل 2.89 تريليون دولار في 2021، تبلغ حصة السعودية 31.6 في المائة كأكبر اقتصاد عربي بنحو 1.11 تريليون دولار، وتقدم الاقتصاد العربي ثلاثة مراكز ليصبح خامس أكبر اقتصاد في العالم بعدما كان ثامناً عام 2021، والاقتصاد الخليجي بدوله الست شكل 62.2 في المائة من الاقتصاد العربي بناتج 2.19 تريليون دولار، وتقدمت السعودية مركزين في مجموعة العشرين من المركز التاسع عشر إلى المركز السابع عشر خصوصاً وأن السعودية تمتلك أكبر بورصة عربية بقيمة 4.15 تريليون دولار بنسبة 65.6 في المائة من قيمة البورصات العربية، ووفقاً للبنك الدولي فإن تصنيف السعودية في المرتبة الخامسة بين دول مجموعة العشرين من حيث نمو الناتج المحلي الإجمالي على مدار العقدين الماضيين بمعدل 340 في المائة.
من خلال قراءة تطور الناتج المحلي الإجمالي بين الصين والولايات المتحدة ما بين عامي 1977 و 1921 تضاعف الناتج المحلي الإجمالي للصين نحو 101 بينما ناتج الولايات المتحدة نحو 11 مرة أقل من تضاعف الناتج المحلي الإجمالي العالمي البالغ 13 مرة، فيأتي الموقع اللوجستي للسعودية المتوسط في العالم الذي يمكنها من المشاركة في التجارة العالمية، خصوصاً وأن تجارة السعودية بلغت 598.7 مليار دولار في 2022 بنمو 40 في المائة عن عام 2021 البالغ 429 مليار دولار، وكان نصيب التجارة مع الصين والهند واليابان وكوريا الجنوبية بنحو 42 في المائة من حجم التجارة الخارجية للسعودية، نمت بنحو 42 في المائة عن عام 2021، فبوصلة تجارة السعودية تتجه شرقاً.
تود السعودية ترسيخ مكانتها كبوابة عبور للمنطقة وحلقة وصل بين الشرق والغرب، فاختارت 4 مناطق اقتصادية استراتيجية في الرياض وجازان ورأس الخير ومدينة الملك عبد الله، كتجربة استثنائية محورها مستثمرو العالم، تشكل المناطق الخاصة منصات لوجستية وصناعية متكاملة، تتيح فرصاً للتنمية ونقل التقنية وتوطين الصناعات، خصوصاً في ظل تراجع الاستثمار الجريء في العالم بنحو 61 في المائة.
يتجه العالم لأضعف معدلات نمو منذ عام 1990، وهناك منافسة صينية أميركية للسيطرة على صناعة التعدين العالمية، وهناك قيود التصدير على المعادن الحرجة يبطئ الانتقال إلى اقتصاد أكثر إخضراراً، فكان الذهب المحرك الرئيسي لعمليات الاستحواذ والدمج في الماضي، فالمستقبل سيكون للمعادن المهمة، فشركات التعدين أمامها خياران لا ثالث لهما وهو التوصل إلى تقنيات جديدة أو المغامرة في المناطق الحدودية، فالتطور التكنولوجي يعزز إمكانية الاستثمار في مناطق التعدين ذات المخاطر العالية ويحسن الموارد، وشهدت ألمانيا أول انفصال عن الصين، فنحو 53 في المائة من الشركات تميل لأسواق أوروبا وأمريكا الشمالية، فارتبط ضخ الاستثمارات ببرامج التحفيز الاقتصادي الطموحة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، فصناعة الآلات الألمانية تتوخى الحذر بشأن التوسع في آسيا، فأصبحت طرق التجارة العالمية هشة، فتحول مركز الثقل في صناعة الرقائق 4 دول مستفيدة على حساب تايوان والصين، وهي تايلاند وفيتنام والهند وكمبوديا، فتصبح السعودية أحد أهم مراكز الثقل في المستقبل.
ما جعل السعودية تحقق أثراً إيجابياً لرؤية التحول الرقمي، وحققت المركز الثاني عالمياً في الوعي بالذكاء الاصطناعي، أيضاً تقدمت السعودية 17 مرتبة في مؤشر الكفاءة اللوجستية العالمي، أي حققت قفزات واسعة في أداء التتبع والتعقب والتوقيت والجمركة والشحن البحري، وضخت نحو 332.3 مليار ريال حتى عام 2022 وهو ما يشكل 23.26 من إجمالي حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي.
ستكون هذه المناطق تتمتع بنظم تشريعية ستجعل منها الأكثر تنافسية في العالم لاستقطاب أهم الاستثمارات النوعية، وهي تعكس رؤية ولي العهد للسعودية ومستقبلها، فدشن مشاريع عملاقة لرفاهية الوطن والمواطن، فهناك داون تاون لإنشاء مراكز حضرية في أنحاء السعودية من أجل تطوير البنية التحتية للمدن، وإطلاق مشروع المربع الجديد في الرياض لتحقيق أهداف رؤية المملكة، فأتت المناطق الاقتصادية الخاصة كآفاق جديدة للتنمية تعتمد على المزايا التنافسية، لتعزيز اندماج الاقتصاد السعودي إقليمياً وعالمياً وتوليد فرص للشركات المحلية ورواد الأعمال، نتيجة الثقة العالمية في السعودية حيث بلغت التدفقات للاستثمار الأجنبي المباشر منذ انطلاق الرؤية نحو 168.4 مليار ريال، بلغت في عام 2022 نحو 29.6 مليار ريال لكن طموحات السعودية أعلى من ذلك.
تتجه السعودية إلى أن تكون دولة صناعية رائدة، فهي تخطط في عام 2035 أن تحتضن 3 مصانع متقدمة للأدوية الحيوية واللقاحات الطبية، و4 مصانع لتجميع مكونات الطائرات، و8 مصانع لتشكيل المعادن، وهناك 160 مصنعاً سعودياً للمركبات وأجزائها ومحركاتها، وثلاثة مصانع للسيارات، وهناك تحركات لتوطين الإطارات وبطاريات الليثيوم، وستنتج السعودية 800 ألف طن من الكيماويات المتخصصة بالإضافة إلى 15 مصنعاً للتقنيات الحديثة ومستشعرات إنترنت الأشياء، من أجل أن يتضاعف الإنتاج الصناعي بنحو 3 مرات ليصل إلى 895 مليار ريال في عام 2030، وستتضاعف الصادرات الصناعية إلى 557 مليار ريال.