د. زايد الحارثي
تواترت التقارير والإحصاءات والأخبار الرسمية في الآونة الأخيرة عن الزيادة المطردة في ترويج وتعاطي المخدرات والمضبوطات في المملكة وبالذات بين الشباب مما أثر ويؤثر بلا شك على أخلاق واقتصاد وبنية وتنمية المجتمع ونسيجه العام. ولم يعد هناك مجال للشك في أن نمو المملكة ونهضتها وسمو مكانتها المحلية والإقليمية والدولية يواكبه غيره وأحياناً حقد وحسد من بعضهم في تفرد المملكة في الاستقرار والأمان والتقدم ما دفع بعض قوى الشر والفساد أن تعبر عن حقدها بتصدير وتهريب الكثير من أنواع المخدرات بطرق مختلفة للتوغل في داخل المجتمع بكافة الطرق. ومن فضل الله وكرمه وثم حكمة ولاة الأمر والحزم والعزم لدى القيادة في المملكة أن جلست بالمرصاد الأجهزة الأمنية المختصة مثل سلاح الحدود والإدارة العامة للمخدرات والجمارك وغيرها لضبط الكثير والكثير من هذه المخدرات ومروجيها ومستقبليها ممن هدفوا إلى التخريب أو الاتجار فحجمتها إلى حد كبير، ومع ذلك فقد استجدت طرق وأساليب مختلفة عبر وسائل التواصل ومنصاته الحديثة في اختراع وابتكار تصنيع أنواع مختلفة من المخدرات والمؤثرات العقلية محلياً فوجدت هوى وإشباعا لمن لديه الاستعداد أو المغسول أدمغتهم من بعض شرائح المجتمع للنفاذ إلى المغرر بهم أو ضعاف النفوس لتعاطيها أو الترويج لها. وهذه الوسيلة الجديدة لترويج المخدرات وانتشار تعاطيها هي لعمري أشد خطورة على مجتمعنا لأنها لا تتشكل وتظهر للعيان بشكل مباشر وملاحظ كتلك التي يتم تهريبها من الخارج ومن ثم تصبح آثارها أشد خطورة. وحرصاً من دولتنا وقيادتها- حفظها الله- على خطورة المخدرات وتبعاتها على المجتمع وتنميته وتطوره فقد جندت الإمكانات المادية والبشرية لمكافحة هذه الآفة قبل أن تفتك بالمجتمع وتدمر شبابه. وأجهزة الدولة الرسمية وجهودها في المجال ملاحظة وملموسة، ولكن يظل هناك دور تكاملي هام جداً في نجاح مشروع المكافحة يأتي من مؤسسات المجتمع المدني المختلفة ومن المربين وأولياء الأمور ووسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وقادة الفكر والمؤثرين في النهوض بمسؤلياتهم الوطنية والدينية والأخلاقية الرقابية والوقائية والمكافحة حتى يمكن سد أي ثغرة لنفاذ الترويح والتعاطي والإدمان من خلالها.
ومن الجدير بالذكر أن الجامعات ومراكز البحوث مناط بها تبني الدراسات والمبادرات والمساهمات العلمية للرصد والاستشراف والتوجيه الصحيح للوقاية والمكافحة، وهنا نعطي نموذجا يستحق الاهتمام بجامعة نايف العربية للعلوم الأمنية الرائدة في المجال والتي وقع معالي رئيس الجامعة مؤخراً تبني مركز إقليمي لمكافحة المخدرات والجريمة بالجامعة مع الأمم المتحدة والذي سيكون بيت خبرة في المجال على المستوى المحلي والإقليمي بل والعالمي. ولابد في هذا المقام والختام من الشكر والتقدير العظيم لمقام خادم الحرمين الملك سلمان- حفظه الله- الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي العهد الكريم الأمير محمد بن سلمان- حفظهما الله- على إيلاء موضوع المخدرات وتأثيرها ومكافحتها والوقاية منها أولوية قصوى بالتوجيه والدعم لكافة قطاعات الدولة بمزيد من الاهتمام ومضاعفة الجهود حفاظاً على المجتمع وقيمه وبنيته وتنميته وأمنه وأمانه فشعار هم دائماً: (الإنسان أولاً) ويا له من شعار.