د. جاسر الحربش
يوجد في العصر الحديث نوعان من الحروب المقدسة، الدفاع عن الأوطان ومكافحة المخدرات. إن كانت للآفات أم ولود فهي المخدرات. كطبيب انغمس لأكثر من نصف قرن في التعامل مع المشاكل الصحية والاجتماعية, أعترف أن سعادتي بهذا الخبر الذي سأذكره لاحقاً كانت أكبر من الفرح بالعيد، فالأعياد دورات تتكرر. الخبر السعيد كان عن الحملة الأمنية الشاملة لمكافحة المخدرات التي بدأت ليلة عيد الفطر المبارك. ينقل الخبر الأكثر احتفالية من العيد النص التالي:
بدأت ليلة العيد الحملة الأمنية المشتركة لمكافحة المخدرات بمتابعة وإشراف سمو ولي العهد رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات في جميع مناطق المملكة، وتم مع بدء الحملة منح رجال الأمن المزيد من الصلاحيات في ضبط المتعاطين والمروجين وتمديد الإيقاف إلى ستة شهور للحيازة أو الاستخدام، ومنع الكفالات الشخصية والحضورية على الحيازة أو الاستخدام مهما كانت كمية المخدر المضبوط (انتهى نص الخبر).
أكرر مرة أخرى وأعلل كطبيب وقارئ ومعايش للشأن الاجتماعي أنه إن كانت للآفات أم ولود فهي المخدرات. تعاطي المخدر يعني فصل أجزاء الدماغ الواعي عن الإدراك وإطلاق سراح الأجزاء الدماغية البهيمية البدائية مما يعني فقدان العقل والأخلاق والضوابط الأسرية والاجتماعية والشرعية التعبدية والتعاملية. حين تضرب آفة المخدرات في مجتمع تكون إصاباتها قاتلة وتشمل ما يلي:
* المخدر لا يهدم فقط حياة المتعاطي بالكامل وإنما حياة عائلته المباشرة والممتدة وجيرانه ومن يختلط بهم تعايشاً أو تعاملاً أو مجالسة.
* المتعاطي لا يعف عن افتراس المحارم والأطفال ولا عن الممارسات البهيمية داخل وخارج بيته بما في ذلك القتل
والتشويه.
* التعاطي له خصوصية الانتشار بين القاصرين والمراهقين والمصابين بمتلازمات الاكتئاب والقلق. الأسباب لا تحتاج إلى توسع في التعليل.
* التعاطي بوابة واسعة مفتوحة بالكامل باتجاه السرقة والكذب والبطالة الإرادية والتسيب في الأعمال والواجبات الشخصية والاجتماعية. نقص الأداء الوظيفي في كل شيء يصيب جهود التنمية الوطنية في مقتل.
* محاولات نشر استعمال المخدرات ومنذ قديم الزمان كانت وما زالت من أشرس وأقذر وسائل الحروب لتدمير الأعداء باستهداف الأجيال الصاعدة. عندئذٍ تصبح الأمة المصابة فريسة سهلة لداءين قاتلين هما التجريف المالي والخمول الفكري والجسدي فتغلب الأمة على كل أمورها دون إعلان حرب عليها من العدو المتربص.
* وأخيراً إن نظرة في أرقام العنوسة والطلاق والخلع التصاعدية تكفي عن كل إضافة، ولا أشك أن آفة المخدرات من أهم الأسباب.
أكتفي بهذا البعض الحاضر في الذهن عن مقاتل العوائل والمجتمعات والأمم بسلاح المخدرات، الأم الولود لكل آفة.
الآن أعود للتعبير عن ابتهاجي بخبر ليلة العيد السعيد عن الحملة الأمنية المشتركة لمكافحة المخدرات باعتبارها تحمل كل عوامل النجاح بعد توفيق الله. لأن الحملة تتم بمتابعة وإشراف ولي العهد وفقه وحفظه الله، وهو المخطط التنموي والمنفذ الشجاع الذي اكتسب بجدارة تقدير العالم كله، ولكونه هو أيضاً رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات ففي ذلك ما يضمن بتوفيق الله النجاح الكامل لاجتثاث آفة مدمرة عبرت اختراقاتها الإجرامية أكثر المنافذ الحدودية وبكميات في خانات الملايين وربما تزيد.
تكتمل أسباب النجاح بالصلاحيات الممنوحة لرجال الأمن المذكورة في الخبر المنقول عبر الإعلام الرسمي، لتصبح المعادلة واضحة: قائد لا يهاب وكتيبة أمنية وفية مكتملة الصلاحيات، لتكون المحصلة النهائية انتصاراً كاملاً شاملاً بعون الله وتوفيقه.