في تلك القرية الصغيرة، الجميع ينتظر تباشير قدوم العيد خاصة الأطفال الصغار، فالعيد هو موعد مع الجديد، في اللبس والأكل وحتى في مشاعر الجيران الجميلة التي تزدان في هذا اليوم السعيد.
صغيرنا كان ينتظر قدوم العيد، ولم لا؟!، فلبسه جاهز منذ قرابة الأسبوعين، بما فيها حذاؤه الأسود الجميل، الذي كان يعتبر آخر ما توصل إليه عطاء والده، كانت ساعة الكاسيو الأتوماتيكية تزين معصمه بعد أن أحضرها له والده من المدينة المنورة، كانت تلك الساعة حديث أقرانه، خاصة بعد أن غير أسلوبه في لبس الثياب، فقد أصبح يشمر عن ساعديه النحيلين وخاصة في جلسات التحيات الأولى والثانية في صلاته في جامع القرية.
وهنا بدأ الصغير يتخيل كيف سيكون هندامه مع (الجاكيت الأزرق) والثوب الأبيض وهل ستؤثران على الساعة وبروزها كشكل جمالي لم يسبقه إليه أحد في القرية؟!.
في ليلة العيد لم يستطع النوم يترقب الصباح، ليلبس ثيابه. ذهب إلى أمه وقال لها كمْ بقي على صلاة الفجر؟، قالت له: أرقد يا ولدي وريحنا والصباح رباح!.
كانت ثيابه في غرفة والدة مصفطة ومصفدة في ذلك الصندوق الخشبي العتيق، أطل عليها في غفلة من والده، ثم خطرت في باله فكرة غير مسبوقة، قال لوالده: هل يمكنني أن ألبس حذائي وأنام به، فلن يتسخ كوني سأكون في فراشي؟، ابتسم والده ابتسامة خفيفة، ورق لحال ابنه وقال له: غدا ستكون في قدميك؛ قم أرقد يا ولدي وريحنا!.
ذهب إلى فراشه بجانب أخويه، وهو يصارع الأرق يستجدي لحظة نوم عابرة تعينه على انتظار موعد الأذان الذي يبدو أنه بعيد جدا.
سرح بخياله في يوم العيد وكيف سيكون وماذا سيفعل عندما يدخل المسجد، فحذاؤه قد يكون عرضة للسرقة؛ هكذا تخيل الصغير وهنا داهمه سلطان النوم على حين غفلة منتظرا صباح يوم العيد السعيد.
جلبة في البيت فأمه تشعل النار في التنور ووالده يقرأ القرآن والصغير أيقظته تلك الجلبة وأصبح يعيش لحظة يوم العيد، إنه العيد، عيد الفطر السعيد.
توضأ الصغير وضوؤه للصلاة، وانطلق إلى غرفة أبيه ووجد ثيابه قد وضعت جانبا بجانب ثياب أخويه، على عجل؛ لبس الثوب الأبيض وبعده الجاكيت الأزرق، ثم توجهما بطاقية العيد المزركشة باللون الأصفر الجذاب.
ثم أسرع إلى فراشه فاستخرج ساعته من تحت وسادته، ولبسها فخور بها أيما فخر.
خرج إلى مصلى العيد زاهيا بنفسه وبلبسه الفريد المزركش بين أبيض وأزرق وأصفر وأسود، حالة من الموزاييك على مستوى الهندام ،كانت تشعره بفرادته وتفرده في ذلك الصباح المنتظر.
** **
- علي المطوع
@alaseery2