الثقافية - أحمد الجروان:
يرصد الدكتور: عبدالرحمن بن عبدالله العبدالقادر، الأستاذ بكلية الإعلام والاتصال بجامعة الإمام محمد بن سعود، تجاربه في ميدان العلاقات العامة في كتابه: «دورب -محطات وتجارب في العلاقات العامة»، ويبين سبب تأليفه الكتاب بقوله: «بعد ممارسة عملية للمهام الاتصالية المتنوعة والمتعددة لمدة تجاوزت الثلاثة عقود، تخللها حصولي على درجتي الماجستير والدكتوراه في التخصص ذاته، وجدت رغبة في توثيق شيء من تلك الممارسات والخبرات والتجارب والتحديات، مع ربطها بالأطر النظرية، وتقديم تلك التجربة في كتاب صغير في حجمه، لكنه عصارة العصارة)، لعله يشكل إضافة إلى المكتبة الإعلامية في الوطن العربي. وعبر هذه التجربة التي أزعم أنها تتسم بالثراء اكتسبت عدداً من الدروس وسعيت إلى نثرها في هذا الكتاب أو الكتيب إن شئت - عزيزي القارئ- تسميته، سيكون بمثابة تتويج لمرحلة من حياتي، إلا أنه في الوقت ذاته، مقدمة لمرحلة جديدة، فعلاقتي بالاتصال والإعلام ستبقى كونها غير مرتبطة بوظيفة، بل هي علاقة أوسع من ذلك بكثير.
يتمحور الكتاب الذي شرفت بتقديمه من قبل أستاذي الذي تتلمذت على يده، وتعلمت منه الكثير، إنه الأمير الإنسان سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود، عبر مسيرتي الوظيفية التي جاوزت الثلاثين عاما في كل من وزارة الشؤون البلدية والقروية، والهيئة الملكية للجبيل وينبع ولقد ركزت في محتوى هذا الكتاب على مرحلة عملنا في الهيئة؛ ليس لأنها الأطول فحسب -قضيت فيها أكثر من عشرين عاماً-، بل لأنني أعدها مرحلة النضج في التخصص، حيث اكتسبت الخبرة، وحصلت على درجتي الماجستير والدكتوراه، وعشت مع سمو الأمير
سعود مراحل مهمة من المسيرة الناجحة للهيئة الملكية؛ منها: قيام الجبيل 2، وينبع 2، وانضمام مدينتي رأس الخير وجازان إلى الهيئة، وارتفاع حجم الاستثمارات في مدن الهيئة من 300 مليار إلى تريليون ومئتي مليار، والمساهمة في الإعداد والترتيب والتنظيم لعشر زيارات ملكية لمدن الهيئة، فضلا عن زيارات ملوك وزعماء ورؤساء خليجيين وعرب وعالميين لمدن الهيئة، وغير ذلك من الأحداث والتطورات المهمة التي عشتها بفضل الله - تحت قيادة سموه.
وقد قسمت الكتاب بعد شيء يسير من التمهيد إلى ثلاث مراحل تبدأ بمرحلة التأسيس، ثم مرحلة التطوير، ثم مرحلة تعزيز الصورة الذهنية، ثم المرحلة الأخيرة التي أسميتها المرحلة المقبلة.
ومن أجل الفائدة سعيت إلى الربط بين الجانبين الميداني والنظري وإن كانت علاقتي بهذه المهنة تسبق عملي في الهيئة، إلا أن رغبتي في عدم تشتيت القارئ، سلطت الضوء على مرحلة واحدة متسقة رابطا مفاصلها بالمفاهيم النظرية، آملا أن يكون هذا الربط عاملا من عوامل نقل المعرفة بسلاسة ووضوح إلى ذهن القارئ.
وقبل أن أبحر في ملفات تلك المراحل، أود أن أشير هنا في ملمح يسير - إلى بعض المحطات التي سبقت التحاقي بالعمل في الهيئة الملكية للجبيل وينبع، بدءًا من اختيار التخصص، مرورًا بمرحلة الدراسة وما تلاها من بحث عن الوظيفة وبدايات حياتي الوظيفية.. وسأكون في غاية السعادة إذا شاركتني -أيها القارئ الكريم - هذا الاهتمام بتنويه أو تعقيب أو استدراك، أو حتى اعتراض، فكلنا نعمل ونتعلم حتى نلقى وجهه الكريم -سبحانه-».
وقد كتب مقدمة الكتاب صاحب السمو الأمير سعود بن عبد الله بن ثنيان آل سعود، تناول فيها جوانب متعددة شملت الموضوع والمؤلف، قال فيها سموه: «حينما يتحدث أخي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله العبدالقادر عن تجربته الميدانية، ومسيرته المهنية، فنحن سنقرأ قصة تستحق الاحتفاء وتجربة ملهمة، ينبغي أن تحتذى.
لقد عرفت الدكتور عبدالرحمن عن قرب، وعايشت تجربته عن كتب؛ فلقد كان رفيق دربي لثلاثة عقود ونيف، واجهنا التحديات تارة وتشاركنا في الإنجازات تارة، وتذوقنا طعم النجاح تارات في قطاعات عديدة، كان إلى جانبي يقود منظومة العمل الاتصالي بمختلف فنونه بكل احترافية واقتدار، وبطموح لا سقف له، وعزيمة لا تعرف الاستكانة ولا حد لها ؛ الأمر الذي يعطي تجربته ومحطات حياته العملية التي يستعرض جانبا منها من خلال كتابه («دروب» محطات وتجارب في العلاقات العامة) الذي سيشكل بحول الله - مسيرة ملهمة لشبابنا وشاباتنا من الأجيال القادمة الراغبين في التخصص بمجال الاتصال والعلاقات العامة تحديداً فضلاً عن ممارسيها في الوقت الحاضر.
وفي «دروب» ركز الدكتور العبد القادر كعادته على الجوانب الفنية في الإعلام، ودوره في التنمية، مسهبا في ذلك وكأنه يقدم دروسا يستفاد منها، مؤثرا ذلك على نفسه، ومتناسيا كعادته ذاته؛ فلقد تسامى عن الخوض في جوانب مهمة من حياته الاجتماعية، وتجاهل طرح سمات شخصية مهمة، وخصائص ذاتية كانت تميزه بين أقرانه وزملائه، ولعل من أهمها مك انته وجذوره الاجتماعية، وما استقاه من والده وأجداده -يرحمهم الله جميعاً - الذين كان لهم مواقف مشرفة في خدمة الوطن والولاء لقيادته، مما كان له الأثر الكبير في صناعة شخصيته، وتمرسه في العمل القيادي، كذلك لم يتطرق الدكتور عبد الرحمن في كتابه «دروب» إلى جانب مهم من جوانب حياته العملية؛ ألا وهو الجانب الإنساني وحرصه على مساعدة الآخرين؛ سواء كان يعرفهم أو لا يعرفهم، ولا أزال أتذكر العديد من المواقف التي تؤكد حرصه على مساعدة الناس، وتأصيل جوانب المسؤولية الاجتماعية.
وإذا كان الدكتور العبد القادر قد قدم لتجربته العملية في ميدان العمل الاتصالي، من خلال هذا الكتاب، فهناك الجانب الآخر للعلاقات الإنسانية والاجتماعية التي يتمتع بها على الصعيد الشخصي، والتي ميزت تلك الشخصية في محيطها الاجتماعي والأسري، وهو ما يمكن أن يتمثل في التطبيق العملي للعلاقات العامة وظيفياً واجتماعياً، وهو ما أكد عليه الدكتور العبد القادر في مقدمة هذا الكتاب؛ عندما قال «إن علاقتي بالعلاقات العامة والاتصال، ستبقى كونها غير مرتبطة بوظيفة أو عمل، بل هي علاقات أوسع من ذلك بكثير»، راجياً أن يستفاد من هذه التجربة الثرية، وسائلاً الله -عز وجل- له التوفيق والنجاح في مسيرته العملية في المجال الأكاديمي، ليشهد مسيرة أخرى أثق أن النجاح سيكون حليفها بحول الله-.