عبده الأسمري
على مر العصور ومختلف الأزمنة والأمكنة حضرت «الأزمات» كاقتران حتمي يواجه الإنسان وتباينت حدتها ما بين «ظواهر طبيعية» أو «أوبئة مفاجئة» أو «أقدار متنوعة» الأمر الذي أطلق «نداءات» العون و»استغاثات» الدعم وأظهر أبعاداً مختلفة من الصمود والمعروف والعرفان وتجلت معانٍ إنسانية متأرجحة ما بين صحوة «الضمير» أو غفلة «التقدير» ..
يحضر الأدب ليكون صوتاً وصدى لتلك الجموع البشرية التي تخفي «لوعة» المعاناة وتحتضن «فاجعة» الأحداث وتكبت «أنين» الفقد وتخفي «صيحات» الوجع فتتواءم الثقافة والإنسانية في هذا المشهد المكتظ بالألم والأمل وترتفع رايات الكتابة في ميادين الضرر وتتعالى غايات الإعانة في مضامين الغوث ويأتي الدور على «القلم» ليكون المنقذ لتفريغ «ويلات» وإخراج «آهات» من حيز «المكبوت» إلى متن «المكتوب».
لو دققنا في «الروايات» الكبرى والتي وصلت إلى «العالمية» لوجدنا أن الإنسانية كانت محوراً رئيسياً فيها وأن الزوايا كانت منفرجة نحو «الإنسان» ومعيشته ومعاناته وهمومه بصفته «المخلوق» المتوج بالعقل في أرجاء هذا الكون الفسيح.
الأدباء الحقيقيون أصحاب «الوعي» الثقافي المكتمل والقادمون من «أقاصي» الانتماء يسعون تحت «لواء» الإنسانية المشتركة التي توظفها «الفطرة» السوية هم من أشعلوا «القناديل» في الطرقات المظلمة ومن أطلقوا «المواويل» في المسارب المعتمة في «سبل» إعانة المهمشين والمشردين والمتعبين وكل الغارقين في محيطات الهموم والمرتمين على أرصفة «التهميش».
للأدب ضياء مختلف يشع في قلوب «المتألمين» ويتسرب إلى «أعماق» المهمومين من خلال قصيدة اختصرت المعاناة في أبيات جاءت كالبلسم على «جرح» غائر أو رواية تجلت كالمبسم أمام «فرح» منتظر أو أي إنتاج أدبي حضر وطغى وانتشر في «عناوين حضور فاخرة اهتمت بتفاصيل «النجاة «في محيط «الأزمات» من خلال كتائب «الكتابة والتأليف والنظم والتوصيف».
الأديب المبدع وحده من يجيد العزف على «أوتار» الإنسانية ويسبر «أغوار» المهنية ويجتاز «أسوار» الاعتيادية فللأدب مكانته وتمكينه في «رأب» صدوع «الآلام» التي تعترض حياة الناس حيث تأتي الفنون الأدبية لتجبر «الخواطر» وتعبر «العقبات» في مواجهة ناجحة بسلاح الكلمة وكفاح الثقافة لنثر «عبير» الجبر وترسيخ تقدير «الإنسان» وتسخير «تسطير» الحروف.
في خضم بحر لجي من «المعاناة» المرتبطة بالإنسان يأتي الأدب فيكون «الصوت» الصادق و»الصدى» الحقيق ليقتنص ويلات «اليتم» من وجوه الصبية ويرصد تجاعيد «الضيم» على ملامح المهمشين ويكتشف صدمات «الأسى» في أعين «المحزونين» فتتعالى «الكلمات» كلبنات لبناء «صرح» الإنتاج الأدبي الذي يأتي في رداء «قصيدة» أو معاني «قصة» أو فصول «رواية» أو تفاصيل «خاطرة» فتتكامل «مضامين» العون في ميادين الثقافة من خلال عناوين باهرة واتجاهات زاهرة تعتني بالبشر وتختصر «المسافات» وتنتصر للمواجع وتهدي للمجتمع عطايا من المعاني الإنسانية المدعمة بالإلهام والمبرهنة بالاهتمام.
الأزمات لا تستثني أحداً والبشر فيها «ضحايا» ينتظرون «التفريغ» النفسي و»الدعم» الإنساني وتأتي الثقافة الإنسانية من خلال الأدب لتجهز «مراسم» النجاة وترسخ «مواسم» الإنتاج في ارتباط ما بين المشاعر والشعر واقتران ما بين الأحداث والأحاديث وترابط ما بين الوقائع والقصص وتزامن بين الحكايات والروايات وصولاً إلى رفع «راية» الاعتناء بالإنسان وتحقيق غاية «الاقتداء» بالمعنى.