سهوب بغدادي
«كمل أكلك عشان لايسرقك الحرامي» «الحرامي جا نام بسرعة» كلها جمل ترددت على أطفال جيل الطيبين، بغرض دفعهم إلى السمع والطاعة وتلبية الطلبات والأوامر، فتارة يوظف الأهل الحرامي ويقومون بتوظيف العسكري في مواطن مشابهة تارة أخرى، حتى أصبح الصغير والكبير يخاف من رجال الأمن، فلماذا نخاف الشرطي وهو رمز الأمان؟ قد يهابه من به ريبة وشك في مدى اتباعه للأنظمة والقوانين إلا أن الخوف حقاً يلازم البعض دون عمل أي شىء خاطئاً كان أم صحيحاً، وذلك نظراً للبرمجيات القديمة لدى الشخص منذ الطفولة.
بلا شك، إن التربية اليوم والمربين قد اختلفوا كثيراً، فمن شأن التقنية التي اقتحمت كل منزل أن تجذر الوعي بمسائل ونطاقات حياتية متشعبة، وتلك إحدى محاسن التقنية وعصر السرعة بخلاف الرأي السائد عن تداعياتها على النشء والأخلاق وتأثير العولمة على الألباب، فعزاؤنا هنا الوعي الناتج عن أدوات التقنية والانترنت.
إن الخوف من شيء بحد ذاته رد فعل طبيعي ناجم عن تجربة سابقة أو تصور مسبق، يحتمل الصواب والخطأ، لذا قس على جميع الخطوب والمدلهمات ما إذا كانت حقيقية أم مجرد وهم ووحي من الخيال، واسأل نفسك، ما تصرف أو شعور طفل لم يمر بهذا الخطب أو الحالة من قبل، هل سيخاف؟ وكرر العملية مراراً حتى تتغلب على مخاوفك واحدة تلو الأخرى، إن الشرطي والحرامي مجرد أمثلة على تلك المخاوف والبرمجيات، ويوجد غيرها الكثير (كإبرة الدكتور، وأم العباية السودا، وأمنا الغولة) وأكتفي بهذا القدر باعتبار أن ذكرها وتذكرها يسبب لي الخفقان، إذ يتجاهل الكبار تلك المخاوف الدفينة في زحام حياتهم المليئة بالمسؤوليات، فلا ضير من مراجعة الملفات القديمة والتوقف على بعضها، لتجنب إعادة تطبيقها على الأجيال القادمة، في الختام، «ناموا ولّا....».