مشعل الحارثي
في شرق بلادنا السعودية وعلى ضفاف شواطئ خليجنا العربي ولدت وشبت وترعرعت وتعملقت وكانت عطاء رب السماء لأهل المملكة العربية السعودية ولأهل الأرض عامة، وكانت العنوان العريض في مجريات السنين فأخصبت وأخضبت وشذبت وهذبت وأنعمت وأسهمت في تلوين كل الأشياء بالجمال والكمال، وكانت الغيث الزلال واللسان والمقال والعون والصون والدر المكنون، وذلك النسق المتناسق مع الكينونة والصيرورة وفياض الرمل المذهب، وبوح الصحراء المتوهج بالعطاء والسخاء والنماء لرفعة الإنسان والارتقاء به، وصولاً لغد متجدد بروح الأمل والخير والسعادة والرفاه.
تلكم هي شركتنا الوطنية العملاقة (أرامكو السعودية) حكاية وطن رسمت بسيرتها وخطواتها خطوات المجد في تحدٍّ وصمود وعمل دؤوب، ولم تكن ومنذ نشأتها شركة نفطية صرفة بل شركة صانعة للتنمية ومساهمة في مختلف أوجه البناء والتعمير والتطوير في البلاد وبكل تميز وتفرد ومنذ أن أطلق شعلتها الأولى وقاد مسيرة البلاد التنموية والد هذا الوطن ومؤسسه جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه واستمرارها في عهد أبنائه الملوك من بعده حتى عهدنا الحاضر بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين، فحق لنا أن نفخر ونعتز بها وبمنجزاتها المتعددة وعطائها الثر النفيس.
وأسعد بشرق بلادنا وأشد به
مدحاً يرتل في الورى ترتيلا
أعطى عطاء الأكرمين لأمتي
والحال فينا بدلت تبديلا
ولعل من جملة ما قدمته أرامكو إلى جانب عطائها الاقتصادي الضخم كونها في مقدمة أكبر شركات الطاقة والكيميائيات المتكاملة في العالم ما أسهمت به أيضاً في مواكبة تطورات البلاد في الجوانب الاجتماعية والتعليمية والثقافية والإعلامية وهذه الأخيرة تعد فيها مدرسة تحتذى لأنها لم تأتِ من فراغ بل من مخاض تجربة ثرية بزت فيها نفوسنا منذ سنواتها الأولى من خلال تلفزيون أرامكو كأول تلفزيون في منطقة الخليج العربي إلى جانب مطبوعتها الرصينة الأنيقة (قافلة الزيت) - (القافلة) فيما بعد التي رافقت البدايات الأولى لتدفق النفط في المنطقة الشرقية وكانت راصداً أميناً للتحولات التنموية والحضارية التي حدثت بالمنطقة الشرقية أوفي كافة مناطق المملكة، وكانت مورداً عذباً أنيقاً ومتنفساً رحباً بالعلوم النافعة والمعارف الواسعة والثقافة الشاملة والطباعة الفاخرة الصادرة عام 1373هـ - 1953م كجزء من إحساسها بمسؤولياتها تجاه الوطن والمجتمع الذي تعمل فيه، واستكتبت للكتابة فيها العديد من عمالقة أدباء ومفكري العالم العربي البارزين إضافة لكبار أدباء ومفكري البلاد وحظيت باهتمام مثقفي العرب فكانت لسان صدق وخير سفير أمين لإعلامنا وثقافتنا السعودية.
أ (قافلة) الحضور بلا غياب
أ (قافلة) الحروف لك انجذاب
وحسبك في السنين خلود عمر
يلازمه مدى الدهر الشباب
لقد طافت بنفسي كل تلك الصور والمعاني منذ أن تلقيت الدعوة الكريمة من إدارة الإعلام والتواصل التنفيذي بأرامكو لحضور الملتقى الإعلامي الثالث الذي أقامته لنخبة من رجال الإعلام بمحافظة جدة في الثلث الثاني من شهر رمضان بعد لقائها بنخب مماثلة في كل من المنطقة الشرقية والرياض ورغبة منها في تعزيز التواصل والتعاون الإعلامي فيما بينها وبينهم باعتبارهم أحد شركاء النجاح في مسيرتها المظفرة وخير من يوصل صوتها ورسالتها للآخر.
وفي هذه الأمسية الرمضانية الجميلة سعدنا فيها وبقية الحضور بلقاء كل من الأستاذ غيث الشايع رئيس قسم العلاقات الإعلامية، والأستاذ فايز بن سيف الهرش رئيس العلاقات الإعلامية الإقليمية، والأستاذ خالد البلاهدي الحارثي وبقية فريق إدارة الإعلام والتواصل التنفيذي الذين كانوا في غاية الترحاب والابتهاج وأعطوا صورة مشرقة لقيادات الوطن الشابة.
وكل ما نرجوه من شركتنا العملاقة وهي تتربع على القمة وتسير في المسار الصحيح أن تواصل مسيرتها وأن تحافظ على تميزها لأن التميز عملية متواصلة لا تحتمل التوقف، وبعد أن آمنت بالمعرفة كقوة ووسيلة للنجاح وأنها المرادف للبناء المادي والأساس للنهوض بأي مجتمع أن تسعى لنشر ثقافة التكامل والتواصل بكل ثقة واتزان بين كافة أطياف المجتمع ومؤسساته وقطاعاته المختلفة، والآمال المعقودة على هذا الصرح الوطني العملاق ليس لها حد وكإعلاميين لازلنا ننتظر منها مبادرة أو مشروعاً إعلامياً أو ثقافياً يكافئ ثقلها ومكانتها الكبيرة ويساهم في توفيرالعديد من الأوعية الثقافية والإعلامية ونقل منتجنا وموروثنا الثقافي للآخر بأفضل صورة ومصداقية، كما نرجو في اللقاءات القادمة أن تستدعي عمالقة الإعلام السعودي ورموزه ممن لازالوا على قيد الحياة لتحقيق التواصل بين الأجيال والاستفادة من خبراتهم وتجاربهم السابقة فهم من بذروا بذور التفوق والنجاح، وستظل أرامكو السعودية بمشيئة الله معيناً لا ينضب من الخير والعطاء وتظل دوماً وأبداً تصبح وتمسي على وطن.
**
الأبيات الشعرية على التوالي لكل من الشاعر صالح حمد المالك، والشاعر محمد الجلواح