ناهد الأغا
كما تشع السماء نوراً، حينما يكتمل القمر بدراً في منتصف كل شهر، ويتوسط بحُسن بريقه موقعاً يبهج النظر والنفس كلما لاح البصر إلى نحوه.
فإن من كان لاسمه نصيب مما سُمي ووصف به، أثر كبير في رصف الكلمات الجميلة، وبناء القصائد الجزلة ذات المعاني العميقة، وبناءها هندسياً بطريقة عز نظيرها، سمو الأمير بدر بن عبدالمحسن آل سعود حفظه الله، حقا أنك البدر المشرق نوراً وضياء، المكتمل قبل ولادة الهلال وبزوغه.
مهندس الكلمة، بل أنت بحق مؤسس وعميد لكبرى معاهد صياغتها وصناعتها وبناء كل حركة وحرف بها، الشاعر (واحد) من لم يعرف سوى الصدارة، ولا يمكن للجملة إلا الابتداء به.
من قال كلمات وأبيات صادقة دونما تكلف، وخرجت من صميم قلبه بقالب متناسق وجميل، ومعانٍ سامية، وآثار خالدة مهما مضت السنون وتبدلت الأيام.
من ازدانت أفخم وأفخر الأوشحة به، وطرز المجد أهدابه بحبات الفخر والاعتزاز الملونة بذهبِ الوفاء والتقدير الزاهية، التي شكلت أزهى وشاح وأبهاه، وأنصعه لمعانا ًوبريقا متوهجا ًيسحر ألباب الناظرين إلى الألق المهيب الذي حباه الله إياه في رداء العزة والإباء (الوطن)، فكم احتل الوطن في وجدانك سمو الأمير الشاعر مساحة شاسعة لا يُمكن لكل الحدود الجغرافية تأطيرها، فجاء كل حرف في قصيدة تتغنى بالوطن ومجده مضيئا كلما لاح نجم الفخر والكبرياء، فمنذ عقود خلت وحتى يومنا الحاضر، ندندن فرحا ًوسرورا بكل مناسبة وطنية ((فوق هام السحب)) التي رصفت كلماتها بمهجة فؤادك قبل حبر قلمك، بلغة صادقة نظمت أبلغ الصور وأبدعها، وأكثرها بيانا، تجعل كل من ينظر إليها بقلبه، قبل أن يقرأها بعينه ولسانه، إلى حجم الصور البلاغية والاستعارات والمجازات بجمل موجزة، توغل فيها نحو أعماق الفصاحة والبديع.
منذ عقود آمنت متقينا ًأن المجد قادم ولابث لا محالة، فهو لا درب له إلا بمسالك عز المملكة العربية السعودية، التي يُحاكي أمسها غدها في يومها.
فوق هام السحب وإن كنت ثرى
فوق عالي الشهب يا أغلى ثرى
مجدك لقدام وأمجادك ورى
وإن حكى فيك حسادك ترى
ما درينا بهرج حسادك ابد
أنت ما مثلك بهالدنيا بلد والله
ما مثلك بهالدنيا بلد
حقا أن بلادنا تفوق بلاد هذه المعمورة، وتتميز في حُسنها وإرثها وحاضرها، كذلك سمو الأمير الشاعر إن حُسن قصيدك وعذب شعرك، ليعلو رتبا ًورتبا ومنازل رفيعة تسمو بك، وبرقي فكرك وعظيم بوحك، وتتربع على عرش الإبداع وتوجت أبياتك عاليا ًفي سماء بزغت نجومها وقمرها، وسطعت شمسها التي لا تعرف الغروب على رمال الكبرياء، فانعكست عليها، وبدت كالذهب الخالص الصافي شديد اللمعان.
ففي أبياتك حكاية وطن ومملكة، ومسيرة ملوك خالدين منذ التأسيس إلى يومنا الحاضر، وقد نسجت باختصار هذه الحكاية بأبيات من قصيدتك ((الوشاح))، التي قلت فيها:
عبدالعزيز المجد صفوة عربها
من كف سلمان عسى الرب يحميه
نور البلاد وعزها هو شببها
وأغلى الملوك اللي بالأرواح نفديه
يا أمير يا عشق الحروف وطربها
بهديك صبح كل عمري لياليه
وقفت جليا أمام صورة فنية بلاغية في قولك ((بهديك صبح كل عمري لياليه)) وأتحدى كبار البلاغيين وأفصحهم، في وصف ما بعد السطور في هذه الكلمات القليلة ذات الصور العظيمة، ولم أملك سوى أن أزجي عبارات التهاني لعلها توفيك قدرك سمو الأمير.
دمت سمو الأمير في حفظ الله ورعايته ودام نبض قلمك يسطر جمال الشعر وروعته.