د. معراج أحمد معراج الندوي
لقد أذن ضيفنا الحبيب بالرحيل، وأذنت أيامه الغرة ولياليه العطرة على السفر والرحيل، ولم يبق على وقت الوداع سوى القليل، لقد مرت ساعاته وأيامه كالبرق الخاطف والحلم الجميل العابر. بالأمْسِ استقبلنا رمضان الضيف الكريم بشوْق وفرَح وسُرور، وها هنا نُودعهُ بحُزْنٍ وألَم، مضى شهر سريعا كما تمضي الأيام الجميلة سريعا في حياتنا، تأتي أيامه بشوق وتمضي على عجل، قبل ثلاثة أسابيع قلنا له: «أهلا يا رمضان» وقبل بضعة أيام قلنا له «مهلا يا رمضان». واليوم وهو لملم حقائبه ونحن على محطة وهو في انتظار القطار، ونحن نقول له: «وداعا يا رمضان».
الشهر الفضيل وهو يغادرنا بآثاره الزكية وأجوائه الروحانية. ولقد منحنا الله سبحانه وتعالى فرصا كثيرة لمغفرة الذنوب في هذا الشهر المبارك، «من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه»، لشهر رمضان سر عجيب، ثلاثون يوما ولكنها لا تفى بأغراض مريديه ومحبيه. يغير الكثير فى القلوب والعقول ويبدل الأرواح تبديلا. ولكن الحاجة للمزيد تظل ملحة.. فهل من المزيد يا رمضان؟
والذين استقلبوا أيام الشهر الكريم ولياليه العطرة، تبدلت أحوالهم للأفضل وتضاعفت ثرواتهم من ذكريات رمضان الغالي، فهَنِيئاً لمنْ صام رمضانَ إيمانا واحْتِسابا، فغُفِرَ له ما تَقَدّمَ مِنْ ذَنبه. وهَنيئاً لمنْ قام رمضان إيمانا واحتِسابا، فغُفِرَ له ما تقدّمَ مِن ذنبه، وهَنيئاً لمنْ قام ليلةَ القدْرِ إيمانا واحتسابا، فغُفِر له ما تقدم مِن ذنبه، هنيئا لمن قضى أيام رمضان في طاعة الله، وأحيا لياليه في مرضاة الله.
سينتهى الشهر الفضيل ولا ينتهى الحنين إليه، هذا هو الشهر الذي يجمع بين العبادة والتضامن والمحبة، فشكراً لك يا رمضان. يا ضيفنا الحبيب على كل لحظة قضيناها معك، وداعاً حتى العام القاد.. وداعا تلك الليالي الإيمانية، وداعا تلك النفحات الربانية، وداعا يا عظيم القدر، وداعا يا شهر العتق والغفران، وداعا يا شهر الحسنات والخيرات. وداعاً يا شهر القرآن، وداعاً رمضان البارحة استقبلناك، واليوم قلنا وداعاً سريعاً، الأيام الجميلة تمر سريعا، الله يجعلنا منتصرين في هذه الأيام المباركة. أللهم اجعل آخر يوم في رمضان نهاية أحزاننا وبداية أفراحنا.