د. محمد بن إبراهيم الملحم
رمضاننا الكريم أذن بالرحيل ونسأل الله لنا ولكم القبول ولكن دعوني أعود بكم إلى أوله حيث بدأ رمضان يوم الخميس والدراسة تتواصل فيه باستثناء العشر الأواخر، وهذا يعني أن الطلاب داوموا يوم الأربعاء دواماً عادياً من السابعة صباحاً ثم يسهرون طوال أول ليلة من رمضان ليتناولوا سحورهم ويناموا ثلاث ساعات تقريباً يأتوا بعدها للمدرسة الساعة التاسعة صباحاً، لاشك أنها حالة صعبة، والأقل منها ضرراً أن يضحوا بيوم الخميس هذا فيغيبوه ليتمرنوا على التوقيت الجديد لدورة النوم - الاستيقاظ خلال أيام عطلة نهاية الأسبوع الجمعة والسبت (ومعهما الخميس المغدور) ثم يحضروا للمدرسة يوم الأحد وقد تعودت أجسادهم وتوقتت ساعاتهم البيولوجية على الجدول الجديد. هذا القرار كان اختيار طائفة كبيرة جداً من الناس، ليسمحوا لأبنائهم وبناتهم بهذا النوع من التغيب، مؤامرة فطرية تلقائية من الجميع ضد يوم الخميس المنكوب، من حضر في المدارس هم المعلمون والطاقم الإداري، ولاشك أن هناك نفراً قليلاً من الطلاب يأتون ليعودوا أدراجهم ثانية إلى بيوتهم أو ربما تم ضمهم جميعاً في فصل واحد يقدم لهم معلم أو اثنان بعض الدروس المختصرة أو مراجعات أو ربما هي «حصة انتظار» فقط لإثبات الشكل الرسمي للدوام إرضاءً للمفتش (عفواً المشرف التربوي) الذي يحضر للمدرسة ليتأكد أن كل شيء على ما يرام.
المؤامرة على الخميس تأخذ أشكالاً متنوعة وتتكرر كل ما وقع هذا الخميس المسكين في منطقة التسلل ليعود أدراجه دون أي هدف متحقق منه حتى لو هز شباك المدرسة هزاً بدوام شكلي لكل المعلمين والطاقم الإداري دون قيمة تذكر أو منفعة تعود على الوطن أو العملية التعليمية، ما أكثر إجازاتنا وما أكثر أيام إجازة نهاية الأسبوع المطولة (والتي بعضها يأتي في أوقات غير مناسبة لا طعم لها ولا رائحة) ومع ذلك يتعسر على واضع تقويم العام الدراسي أن يطلق سراح هذا الخميس من الدوام ويعز عليه ألا يداوم الطلاب ذلك اليوم اليتيم, وتتفاقم المشكلة أكبر عندما يصف الأربعاء مع الخميس حيث قد يتعرض الإثنان لخطر هذه المؤامرة، ومع أن الاحتمالية أقل إلا أنها تظل قائمة وماثلة للعيان، ولن نتحدث عن حالة مماثلة يكون فيها الأحد دوام والاثنين تبدأ إجازة فهي حالة إعاقة نسأل الله منها العافية وألا يرينا وإياكم أي شر وبلاء حيث سيتعرض الأحد للقصف المنظم وينسى أن اسمه كان «يوم الأحد».
أخيراً دوام رمضان وما أدراك مع دوام رمضان، كيف يمكن أن نحل مشكلة الدوام الشكلي فيه، أعتقد أن الأمر بحاجة إلى فكرة خارج الصندوق، ومثل تلك الأفكار تحتاج إلى جرأة ودعم وتكامل بين جهات متعددة، ولا أتصور أن جهة واحدة تستطيع إحداث تغيير مؤثر في هذا الشأن، ولكن يبقى لنا أمل في أن يكون في دائرة الاهتمام والتفكير لا أن نتعامل معه كواقع فرض نفسه فقط. وكل عام أنتم بخير.