رمضان جريدي العنزي
كم من صائم ليس له من صومه سوى الجوع والعطش، جهده ضائع، وعمله فيه شوائب لهذا فهو خاسر، إن الصيام ليس الإمساك عن الأكل والشراب، لكنه صيام الجوارح كلها، وحفظها من الخطايا والذنوب والمعاصي، فكم من صائم يغتاب ويهمز ويلمز، يستنقص ويستهزىء بالناس ويقلل من أقدارهم وقيمهم، لم ينتهز الأجواء العابقة بالروحانية والرحمة والغفران، ولم يستطع أن يكبح شهواته وينتصر على ذاته، ويطرد الشيطان، ولم يتفاعل مع كتاب الله تلاوة وحفظاً ومراجعة وتدبراً وتأملاً، ولم ينشط في العبادة والتقرب إلى الله بالدعاء والصدقة، ولم تكن لياليه في هذا الشهر مسرحاً لمناجاة الله وطلب العفو والعافية والرحمة والغفران والصفح والتجاوز، ولم يسارع عن الابتعاد عن المطبات الدنيوية البائسة التي تضره وتعيقه، ولم يكن له شرف المساهمة في رعاية الأيتام والأرامل والمحتاجين ومد يد العون والمساعدة لهم، ولم يفكر بإنعاش البائسين والمستضعقين وأصحاب الفاقة، ولم ينقِّ نفسه من الغل والحقد والحسد، وممارسة الكذب والبهتان وتزوير الكلام، ولم يتورع عن تلفيق الروايات والقصص المنافية للحقيقة والصدق والواقع، ولم يتوشح بالعفو والمسامحة.
إن أشد الغبن أن يغبن الإنسان نفسه بنفسه، فطوبى للذين عملوا في هذا الشهر الكريم لكي يكونوا من المرحومين وليسوا من المحرومين، ونحن نقترب من من نهاية شهر الله، هنيئاً للعاملين المخلصين بالجوائز القيمة الثمينة والتي ليست ذهباً ولا فضة ولا مالاً طائلاً، وإنما العتق من النار، والفوز بالجنة، فهنيئاً لهم لأنهم أخلصوا العمل والطاعة والتزموا تماماً بالصيام الحقيقي معنى وغاية ومراداً.